السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
يونس الشجاع
في رحاب البيت الحرام..
الساعة 22:26
يونس الشجاع


المكان/ مكة المكرمة
الزمان/ الساعة الثامنة مساءً 
6/9/2016م الموافق 5ذوالحجة 1437هـ
اليوم وبعد عشرة أيام من رحلة سفرٍ مضنية، بمعية أختي، وصلت إلى مكة المكرمة، أطهر بقاع الأرض، متجشماً الصعاب والمخاطر، كاسراً حاجز الخوف، مستحضراً في ذاكرتي:(وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا).. بعد أن قاموا بحجز جوازي كزملائي في قطاع الحج والعمرة، ليضعوني بين خيارين أحلاهما مُر؛ فاخترت تحدي الصعاب مرافقاً لـ"أختي" في حلم حياتها بالسفر إلى مكة المكرمة التي لطالما اشتاقت إلى التعبد بين جنباتها وتلمس الروح في أرجائها.. نعم، آثرتها على نفسي وما قد ينالني من تعسفاتهم بعد أن منّ الله علي بجوازي المفقود الذي سارعت إلى "الجوازات" لتجديده لمدة عامين آخرين، كبديل لجوازي المحجوز لديهم، رغم مذكرتهم لـ"الجوازات" بعدم منح أيٍ من موظفي الأوقاف جوازٍ جديد.. حمدت الله كثيراً أن دُونت بيانات جوازي "صحفي"، كواحدٍ من عديد زملاءٍ كان قدرهم أن حُسبوا على مهنة المتاعب في بلدٍ لا مكان فيه للرأي الآخر، وأضحت سياسة تكميم الأفواهـ سيدة الموقف.. 

تجشمت عناء السفر رغم رفض أهلي تارة، وتخويفهم إيايّ تارة أخرى، مما قد ينالني منهم.. لكنني سافرت، كاسراً حاجز الخوف، وعيناي تحدقان في وجوه فلذات أكبادي (أويس وميار ومحمد، وأمي وأبي) اللذين تظللاني دعواتهما لي في حلي وترحالي.. أما أولئك فلا يستحقون شيئاً مني أكثر من الازدراء.. لم يؤلمني، يوماً، إقصاؤهم إياي من إدارة الإعلام بوزارة الأوقاف والإرشاد، وإن كان من ألمٍ فهو محاربتهم لي في قوتي وقوت أطفالي.. كما أسلفت: لا يستحقون شيئاً مني أكثر من الازدراء؛ كون التهميش والإلغاء, والظلم والإقصاء، هي في الغالب سماةٌ لأناسٍ جهلاء، متخلفين، هم بحاجة ماسة لتهذيب أخلاقياتهم وتشذيب سلوكياتهم ليتحققوا بالسلوك الحضاري والارتقاء بأنفسهم إلى مصاف الأشخاص الأسوياء. 
اليوم أخذت عهداً على نفسي ألا أعمل لدى لجنة الطوارئ في مكة المكرمة، كما رفضت، تماماً, العمل مع لجان الحوثيين في صنعاء، فلا يمكن لعاقل أن يلعب مع "مجنون" أو يمزح مع "غرٍ طائش"، ولا يمكن لذي لبٍ أن ينضم لأيٍ من الأطراف ممن يسعون جاهدين، بقصدٍ أو بدون قصد، ليباركوا إنجازات وبطولات إخماد الوطن المتهالك. 

آه، كم تمنيت اليوم أن أكون بمعية زملاءٍ لي لطالما اشتاقوا لهذه البقعة المباركة ذات يومٍ، علّهم يستردون في رحابها، وبين جنباتها وأرجائها، أرواحهم الحقيقية التي سُلبت منهم بفعل الراهن واعتمالاته اليومية.. فمكة المكرمة ستظل كما كانت واحتنا الوحيدة وغسقنا الليلي الممتع، نلتقط فيها أنفاسنا، ننسى إرهاق اللحظات اليومية وذكرياتها المعبأة بقضايا الواقع وتداعياته. 

الله العالم وحده، أنني أقف اليوم عاجزاً أمام شوقكم إلى هذه البقعة المباركة، إلا من دعوات أهاتف بها ربي بأن يسهل لكم الطريق يوماً ما إلى مكة المكرمة حيث تتجدد الروح بتجليات الزمان والمكان، هاربة من جحيم اللحظات المتسارعة، وسياط الواقع المربك.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً