السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
غيلان العماري
فرصة الكويت وخطورة العودة بخفي جنيف ١ وجنيف٢
الساعة 23:23
غيلان العماري

تحكي  القصص  الشعبية  اليمنية عن أنّ فقيهاً في  إحدى القرى مرّ بشابٍ وهو على شجرة شاهقة ويكاد يسقط، فنصحه بضرورة المغادرة ، إلّا أنه لم يستجب ، وظل  يعبث بثمرها دون آبهٍ بالأخطار!
سقط منها وكان السقوط مدويّا...فتنادى الأهالي أن استدعوا الفقيه كيما يلقّنه الشهادة،،
وصل الفقيه،وكان الفتى الطائش قد لفَظَ أنفاسه الأخيرة ، فلم يزد على القول :
"ما استمعنيش وعاد هو حي، فكيف يستمعني وقدمات " و"مااستمعنيش" هنابمعنى: لَمْ يُنَفّذ.

هذه القصة بقدر بساطتها، إلّا أنها تنطبق على  كثير من تفاصيل المشهد السياسي اليمني المعقّد ، وفحوى ذلك أنه إلى ما قبل فترة زمنية وجيزة من عمرهذاالواقع المكتظ بالتداعيات المخيفة،والعابثون بهذا الوطن يقفون من كل فرصةٍ تسنح للحياة ، مواقف هشّة غير مسؤولة ظلّت ولا تزال ، تمنح الموت خياراته المثلى في التمدّد والإنتشار!

هؤلاء -وهم  قلّة - لم يكتفوا بالصعود إلى الشجرة وجني ثمارهافحسب، بل عمدوا إلى تحطيمها وتكسيرها حتى لا يمتد أثر خيرها إلى الغير،وهو سواد هذا الشعب المغلوب على أمره ، والذي سحقته رحى الإقصاء والتهميش  والحرمان منذ أمدٍ بعيد، سفهٌ أفضى إلى جعلها -أي الشجرة- هدفاً سهلاً لكثيرٍ من الفؤوس القاتلة ومنها فأس الخارج الذي  أغمد مؤخراً نصالَ شرّه في كثير من تفاصيل جسدها الطاهر الغضّ البريء ولا يزال.

كان الراهن الوطني الموبوء بالمعاناة والآلام، يمثّل  دور الفقيه الناصح ؛ فقيه الداخل الذي مااستجاب العابثون قطٍّ لاستغاثاته الكسيرة المريرة وما أكثرها، فهل يصنع "فقيه الخارج" اليوم ،الكويت، وهي الدولة التي لم تتوان لِلحظة من مدّ يد عونها لليمن، دون شبهةٍ من موقف أو موقع أو عائد ؛ هل تصنع إعجازا يفضي عبر حوار الأخوة الأعداء لديها عن توافقٍ أخّاذ يعيد لتلك الشجرة الإعتبار، بما يليق بمقامهاوقداستها؟

إنّ فرصة السلام اليوم هناك  وإن بدت ضئيلة، لجملةٍ من أسباب أهمها غياب إرادة الداخل،بل انعدامها، وتصادم إرادات الهيمنة والنفوذ لبعض قوى الإقليم الفاعلة فيمابينهامن جهة، وضبابية موقف الخارج وتراخيه حسب ماتمليه مصالحه من جهة أخرى، لكنها - أي فرصة السلام- لن تكون مستحيلة، وذلك لما تمثله العودة من الكويت بخفّي جنيف١وجنيف٢،من ضربة قاصمة للسلام تختصرالمسافة لإعلان اليمن دولة فاشلة، وما سيفضي إليه ذلك من أخطار ستضرب بأذاها الجميع دون استثناء، فضلاً عن أنّ السعودية  ليست من الغباء بمكان بحيث تعوّل على اتفاق هش مع طرف من أطراف الحرب تضمن فيه سلامة حدودهاالجنوبية من الإعتداء قبل استعادة الدولة اليمنية لحضورها وبسط سيطرتها على كامل جغرافيتها المترامية السحيقة.

مازال في الوقت متسع لأن نفرح بحلول السلام، فلا  تعودوا  بمادونه ،وستفعلون ذلك ، إن  أنتم  خلعتم  عن كواهلكم  جلابيب التعصب العفنة ، وارتديتم حلل الإنتماء إلى هذا الشعب كل الشعب ، فهي وحدها التي ستقيكم سوءة الختام  والخاتمة!

 

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص