- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
لا أخفيكم بأن حديث البعض عن (الهويات المختلفة) لليمن وشعبها بات يؤرقني ويقلق منامي، لأني لم أعد أعرف في أي دولة سيستقر بي المقام في حال صدّقنا (مُزْحَة الهوية) وفتحنا هذا الباب!!
وأحسب أن المشكلة التي سوف أعاني منها ستواجه كل مواطن يمني.. وما عليكم إلا تتبع هذه المشكلة التي سوف أسردها لكم، مع تغيير المسميات التي سأذكرها بالمسميات التي تخص كل واحد منكم.. عندها فقط ستدركون حجم هذه المشكلة!!
ففي حال الإقرار (بهويات مختلفة) بين الشمال والجنوب تستدعي فصل كل منهما في دولة مستقلة، سوف يكون حظي أنا بجعلي من ضمن مواطني دولة الشمال، ومن الاستحالة أن أكون مواطنا جنوبيا حتى ولو كان بإمكاني اكتساب جنسية أي دولة في العالم في حال توفرت لدي الشروط.
ذلك أن المطالين باستعادة الدولة الجنوبية صار بمقدورهم تحمل كل أجناس العالم في أرضهم إلا (الشمالي)، وصار بمقدورهم رؤية أعلام كل دول العالم على أرضهم وبتفاخر، لكن العلم اليمني لا وألف لا!!
وبعدما أُصبح مواطنا يمنيا من دولة الشمال، بالتأكيد ستشتغل مشكلة الهوية من جديد اعتمادا على إرث تاريخي من التمييز، وسيكون الحل (مادام وقد فتحنا الباب) بتقسيم الشمال إلى دولتين: دولة اليمن الأعلى ودولة اليمن الأسفل، فلكل منهما (هويته) التي كانت السبب في الأصل بتقسيم الدولة اليمنية إلى شمال وجنوب.. وسيكون حظ أخوكم بأن يصبح مواطنا في دولة اليمن الأسفل.
وبطبيعة الحال ففي الوضع الجديد لم تعد تهمني دولة الجنوب (بهوياتها) التي ستنشأ، ومثلها دولة اليمن الأعلى (بهوياتها)، فقد أصبحتُ مواطنا أجنبيا بالنسبة لهما. وسيصبح كل همي حماية (هويتي) في إطار دولة اليمن الأسفل، وسيكون الحل الجاهز الناجز متمثلاً بتقسيمها إلى دولتين (بناء على (اختلاف الهويات) بين الأتهوم والجبالية: هما دولة تهامة ودولة الجند.. وسوف أكون أنا العبد الفقير إلى الله ضمن مواطني دولة الجند.
لكن الواقع الراهن المشاهد هذه الأيام في محافظة إب التي بدأت بعض أطيافها تتأفف من وجود النازحين من أبناء تعز لديها، يجعلنا نقول بأن مشكلة الهوية سوف تشتعل من جديد في دولة الجند، والحل جاهز أيضا، بتقسيمها إلى دولتين: دولة تعز ودولة إب.. وبذلك سأصبح أنا مواطنا في دولة تعز.
لكن المطاف لن ينتهي بنا عند ذلك، حيث سيظهر من يتحدث عن (هوية) جنوب تعز المختلفة (الحجرية) عن (هوية) شمال تعز (شرعب وصبر وما جاورهما)، فهؤلاء يستخدمون ضمير الكاف في خطابهم، بينما يستخدم أولئك ضمير التاء، وتلك (هويات واضحة لا تقبل الجدل). والحل تعرفونه، تقسيم تعز إلى دولتين شمالية وجنوبية.. وسيكون مصيري في دولة شمال تعز.
وطبعا ستثور ثائرة أبناء صبر دفاعا عن (هويتهم) المختلفة عن (هوية) أبناء شرعب، وسيظهر من يتحدث عن (هوية شرعب المصبوغة بالعنف)، بما يعنيه ذلك من تمايز بين (شطري الدولة)، وستتمخض المفاوضات الداخلية والخارجية بفصل كل شطر في دولة مستقلة.. وسأذهب أنا بحكم الجذور التي ستبحث عن عاشر جد لأكون مواطنا شرعبيا.
وفي دولة شرعب سيبدأ بعض أبناء مخلاف شرعب بالحديث عن (هويتهم) المميزة التي تفصلهم عن بقية أبناء شرعب، وستكون النتيجة فصل شرعب إلى دولتين: دولة شرعب ودولة مخلاف شرعب.. وأنا مخلافي المولد، ولذلك ستكون المخلاف دولتي الجديدة.
وفي إطار المخلاف ستنشأ المشكلة بين المخلاف الأعلى (في شرعب السلام)، والمخلاف الأسفل (في التعزية)، وسيخرج من يقول بأنه لولا اختلاف (الهويات) بين المخلافين لما قسمهما الأجداد إلى أعلى وأسفل، إذاً الحل نشوء دولتين.. وأنا سأذهب للمواطنة في دولة المخلاف الأعلى.
وفي دولة المخلاف الأعلى سيبرز لنا حراكاً يطالب بفصل عزلة القفاعة عن بقية العزل، بسبب كبر حجمها، وميل أهلها للتعليم والسلمية أكثر من بقية العزل الأخرى، وتلك مبررات كافية في نظر بعض أهلها للحديث عن (هوية مختلفة)، الأمر الذي يعني انفصال القفاعة في دولة جديدة، سأكون أنا واحداً من مواطنيها.
وفي دولة القفاعة سينشأ صراعا يتحدث عن (الهوية) بين مركزيها الانتخابيين في الأساعدة والشجرة، وسينبثق عن ذلك تحول كل مركز إلى دولة مستقلة، (فهوية) مركز الأساعدة تتجه شمالاً، بينما (هوية) مركز الشجرة تتجه جنوبا، وربما سيظهر بين الأشجور من يطالب بتغيير اتجاه القبلة حتى لايصلي في اتجاه القسم الآخر.. وسأكون أنا مواطنا في دولة الأساعدة.
وهنا سنصل إلى المشكلة التي أشرنا إليها في عنوان المقال، حيث ستطالب قرية الحُمَري الكبرى بمحلاتها المختلفة بالانفصال عن الأساعدة، بسبب (الهوية المختلفة) التي نتجت عن وقوع الأساعدة في مرتفع جبلي يميز هويتها عن هوية الحمري.. وهي مسقط رأسي، ولذلك سأكون أحد مواطنيها.
ومن يعرف الحُمَري يعرف أنها تنقسم إلى قريتين في واقع الحال، الحمري العليا والحمري السفلى، علما بأن أصحاب الحمري العليا يرفضون هذه التسمية ويسمون انفسهم القُرية (تصغير قرية)، وبما أنهم قد أنكروا حتى انتمائهم للمسمي، فذلك بالتأكيد يعني الحديث عن (هويتين مختلفتين) وبالتالي دولتين منفصلتين لا محالة.. وسأكون أنا مواطناً في الحمري السفلى.
لا تعتقدوا بأن المشكلة فد انتهت هنا، فقرية الحمري السفلى تنقسم إلى حافتين: واحدة تشمل المنازل التي في سفح الجبل، والأخرى تشمل المنازل التي في اتجاه الوادي، والغريب أن بين الحافتين بعض الاختلاف في اللهجة، فأصحاب الحافة السفلى مثلا ينطقون الرقم (12) ثناعش (بالثاء)، بينما ينطقه أصحاب الحافة العليا تناعش (بالتاء)، وذلك يعني وجود (هويتين) واضحتين: هوية الثاء وهوية التاء.
ولأنه من الصعب تقسيم القرية إلى دولتين بسبب تداخل منازلها، وتداخل العشائر الخمس التي تسكنها، فأنا من الآن بدأت بالتفكير بحل يقضي على مشكلة (الهويات) الجهوية في هذه القرية، وكذلك الهويات العشائرية، وذلك الحل (غششته) من بعض الحلول المطروحة لمعالجة مشكلة بعض (الهويات) في دولة (واق الواق).
ذلك الحل يتمثل بجعل دولة قرية الحُمَري السفلي دولة كونفيدرالية، تجمع بين شطريها: حافة الوادي وحافة الجبل، شريطة أن يتم تقسيم كلٌ من الحافتين الكنفيدراليتين إلى أقاليم فيدرالية، بحيث يشمل كل إقليم واحدة من العشائر الخمس التي تقطن القرية.. علماً يأن العشائر تتوزع مساكنها بين الحافتين .. لكن هل ستقبل الحافتان والعشائر الخمس بهذا الحل أم ستطالب بالتحول إلى دول مستقلة؟ أشك في ذلك!!.
وفي حال عدم قبولها، فأنا أفكر بتأسيس حراك يمني يطالب بانضمام اليمن إلى دولة الهند كواحدة من ولاياتها الفيدرالية، لاعتقادي بأن ذلك سيحل لنا كل مشاكل (الهويات) في اليمن، على اعتبار أن دولة الهند لديها مئات القوميات واللغات، وعشرات الأديان، مع مساحة قارية بعدد سكان مهول. بينما نحن اليمنيين ديننا واحد، وكذلك قوميتنا ولغتنا، مع مساحة محدودة، بعدد سكان متواضع أمام سكان الهند.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستقبل الهند بانضمام اليمن إليها أم أنها ستتخوف من هذه الخطوة وستعتبرها قفزة صوب المجهول؟! لأن ذلك قد يولد مشاكل لولاياتها القائمة، حيث ستبدأ الولايات الهندية تعاني من مطالب انفصالية جديدة، بغرض الحصول على ولايات متجانسة مثل الولاية الجديدة المنضمة إلى الهند (ولاية اليمن).
وهذا ما يجعلني أفكر من الآن بتأسيس حراك يمني يطالب بإقناع الهنود بانضمام اليمن إلى دولتهم كولاية فيدرالية. وعلى من يرغب بالانضمام إلى هذا الحراك التواصل معي .. لكن بشرط ، مقعد الرئيس محجوز من الآن! مش بعدين نجلس نتضارب على الزعامة.. وشر البلية ما يضحك!!
ملاحظة: كتبت هذا المقال في ظل العجائب والغرائب التي صارت تعيشها اليمن.. أما موقفي من القضية الجنوبية فواضح وجلي، وقد عبرت عنه في مقالات ودراسات كثيرة، مبثوثة في الشبكة العنكبوتية لمن يريد العودة إليها.
وخلاصة ما جاء فيها، يتمثل بالاعتراف بالتجاوزات والمظالم التي تمت في حق الجنوب في ظل دولة الوحدة، وتقديم الحلول العادلة والناجعة لها، بضمانات لا تقبل المصادرة، بحيث نؤسس لدولة مدنية فيدرالية، تقوم على المؤسسية واحترام القانون، وتوفر لمواطنيها العدالة والفرص المتساوية، وتعطي للمجتمعات المحلية حق إدارة نفسها في ظل احترام الخصوصيات التي لا ننكرها..
وبدون توفر تلك الدولة سيصبح ما ذكرناه في ثنايا هذا المقال (من باب السخرية من واقع مؤلم) حقائق معاشة على الأرض.. وما عليكم إلا أن تحركوا البوصلة في الاتجاهات المختلفة: جنوباً وشمالاً، شرقاً وغرباً، وستعرفون بأننا إذا لم نبقى دولة واحدة فقطعا لن نكون اثنتان، ولكن أكثر مما تتصورون!!.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر