الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
محمود الطاهر
الحوار على السيادة في اليمن
الساعة 08:05
محمود الطاهر

لست متشائما أو متفائل بالحوار أو المفاوضات أو المشاورات التي ستعقدها اﻷمم المتحدة في الكويت لجمع المتخاصمين اليمنيين على الهرم السلطوي في اليمن المنكوب بقياداته وثوراه القادمين إليها منذ 11 فبراير 2011، ﻷن اﻷمر أصبح يتكشف لي رويدًا رويدا عن ما ستؤول إليه اﻷوضاع الراهنة لمستقبل اليمن السياسي.

المهم هو أن يتفق الجميع على وقف نزيف الدم اليمني، وأن يعودوا إلى البلاد روح الديمقراطية والتنافس الشريف عبر صناديق الاقتراع، ومن يستطيع أن يقنع الشعب ببرنامجه المقدم له يتسلم السلطة من قلب خالص وأمنيات مواطن يمني عربي بالتوفيق له والنجاح.. (وأهم شيء السيادة يا سادة والبحر اﻷحمر وباب المندب).

وليس مهما بل غير مقبول بعد أن سقطت تلك الدماء وخرج المتهورون الحالمون بالديمقراطية الثورية المزيفة في 2011، وبعد أن دمرت اليمن وجيشها، أن تنتقل هذه البلاد إلى الوضع اللبناني في تقاسم السلطة، أو العودة إلى “التفاهم” الملكي- الملكي في ستينيات القرن الماضي.

سقط آلاف القتلى أو الشهداء كما يقولون ويعتقدون لكونهم يرون جميعًا أنفسهم أنهم على الطريق الصحيح رغم اختلافي معهم إيمانًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القاتل والمقتول في النار لكون كل الطوائف تشهد أنه رسول الله وتؤدي الفرائض الخمس، وتعتاد على المساجد.. واﻷهم في ذلك هو تعويض أسر تلك ضحايا الحرب المفروضة على اليمنيين.

في الحرب انقسم اليمنيين إلى ثلاثة أقسام، منهم تحالف مع المهاجم الخارجي، وقسم تحالف مع المهاجم الداخلي، والقسم الثالث رفض كل ذلك ودعا إلى العقلانية والحوار وكان من المتهمين من قبل كل اﻷطراف لرفضه كل ذلك.

اﻹخوان المسلمون الذين وقفوا مع الجهات الخارجية لتدمير وطنهم كانوا يحلمون بأن المملكة العربية السعودية التي “تصنفهم بالجماعة اﻹرهابية” ستنصفهم وستحقق آمالهم وتقضي على “صالح” والحوثي، وتهيئ لهم الكرسي لحكم اليمن لكون أن هناك متغيرات جديدة طرأت على السياسة السعودية بعد وفاة العاهل السعودي السابق الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى (كما بدا لهم)، لكن قد تنقلب اﻷمور رأسًا عن عقبيه لعدة أسباب.

صحيح أن الملك الحالي كل همه هو القضاء على التهديد اﻷكبر الذي يهدد بلاده كما يعتقد “إيران” أو الطوائف الشيعية في المنطقة، وقد يجد اﻹخوان المسلمين اليد التي يبطش بها وهذا قد يكون مؤقت، ﻷن اﻹخوان المسلمين ليس لديهم تفكير في اﻷفق البعيد، وكل ما يهمهم هو السلطة والقضاء على الخصوم، وبالتالي سيتم استخدامهم من تحت هذا البند.

اﻷمر الثاني بعد الاتفاقيات الجديدة والحوار المباشر بين الحوثيين والسعوديين الذي استغرق ﻷكثر من شهر قد يضع الحوثيين أنفسهم بديلا للإخوان المسلمين مقابل إغراءات كبيرة جدًا وتطمينات يقدمونها للملكة، والرياض لا يهمها في اليمن سوى النفوذ في البلاد، وستجد الحوثي هو المناسب بعد حرب شرسة لم تستطيع القضاء عليه تصديقًا للمثل الشعبي اليمني “صداقة بعد عداوة”، وأيضا إعادة صلب من خسرتهم في ثورة 26 سبتمبر 1962 إلى الواجهة مرة أخرى.

لا يخفى على أحد حرب الجمهوريين في اليمن التي وقفت معهم بكل قوة جمهورية مصر العربية أمام جبروت المملكة المتوكلية اليمنية التي وقفت معها السعودية، ودافعت عنه بكل شراسة لكن شاء القدر أن تخسر تلك المعركة وكان النصر للجمهوريين في اليمن، علمًا أن الحوثيين حاليًا هم الامتداد الطبيعي لتلك الدولة التي وقفت معها المملكة العربية السعودية..

من الطبيعي أن يكون ذلك له مقابل كبير قد يقدمه الحوثيين للسعودية وهو إثبات حسن نيتهم والتنازل عن بعض من السيادة وتوطينهم في باب المندب والتخلي عن التبعية ﻹيران، وأهم شيء في ذلك هو الصراع مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.

قد تبدو هذه الورقة اللعب عليها خطيرًا جدًا، ومن يقدم على ذلك لابد أن يجيد فن اللعب والتنقل من مكان إلى آخر بكل حذر وذكاء، ﻷن النهاية قد تكون أخطر من أي وقت مضى.

فالحرب القادمة في اليمن ستكون ضد اﻹخوان المسلمين، وتصفية حسابات معهم لكونهم قاتلوا مع الجهات المعتدية على اليمن وراح ضحيتها الكثير من أبناء القبائل، وفي نفس الوقت سيكون هناك صراع مع حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي أظهر صلابته في هذه الحرب ومنع من إنهيار جماعة الحوثي، والهدف من ذلك تهميشه وإبعاده عن المشهد السياسي اليمني تلبية لأوامر الرياض التي تسعى للنيل منه عقابًا على رفضه للتحالف معها من أجل أمنيات الخروج منتصرة في هذه الحرب لتظهر رسائل عديدة للغرب أنها قادرة على المزيد.. وفي جبهات إقليمية أخرى.

اعتقد أن اﻷمور تلك أبرم الاتفاق عليها في الرياض، وما حوار الكويت إلا تحصيل حاصل، والتصوير للرأي العالمي أن السعودية تقود السلام في اليمن.

إذًا.. فالحوار المزمع عقده في الكويت يوم الثامن عشر من شهر أبريل الحالي هو حوار فقط على السيادة والتبيعة اليمنية، وليس اﻷمر مفاوضات أو حوار من أجل سلطة أو إعادة الدولة، فعبده ربه منصور هادي جزء من هذا الاتفاق، وعودته ربما هي لترتيب الطريق لتنفيذ الاتفاقية الحوثية السعودية، علمًا أن “هادي” نفسه نفذ خططًا خبيثة منذ تسلمه السلطة في اليمن حتى اللحظة. فهو من هجر السلفيين من دماج إرضاء للحوثي، وهو أيضا من مهد الطريق للحوثي لدخول عمران وقتل القائد العسكري الشهير “القشيبي” ليذهب قبل أن يجف دمه ويعلن عودتها إلى حضن الدولة. وقبل اﻷخير تسليم صنعاء للحوثيين، وأخيرًا تقديم استقالته التي كانت جزء من سيناريو متفق عليها ﻹيصال اليمن إلى هذا الحال.. وما زال المشهد مستمرًا..

عن محيط

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص