- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
السلام كلمة لاتباع ولا تشترى، السلام وإيقاف الحرب في أي مكان في العالم مسؤولية سياسية، ووطنية، وأخلاقية إن كلفة رفع راية السلام إلى الأعلى، والدعوة لإيقاف الحرب باهظة ، لا يتحمل تبعاتها سوى الشجعان، ولذلك يقال سلام الشجعان - طبعا ليس سلام (أوسلو) أو من يمسكون العصا من الوسط - سلام أقوياء الإرادة، في مواجهة حرب ضعفاء القيم، في صورة العفن السائد، ومن هنا تأتي دعوتنا إلى سلام حقيقي، وليس إلى صناعه أوهام و سلام شعاري، مجرد من أية قيمة أخلاقية أو سياسية أو واقعية على الأرض، وحينئذ يكون سلام لا يفرز في الواقع سوى إدامة عمر الحرب ويكون على حساب قضايا المجتمع: العدل، والحرية، والمواطنة، وحقوق الضحايا. وبهذا المعنى فكلمة السلام ليست حالة استرخاء ضميري، ولا هي مجرد رفع العتب على طريق التحلل من مسؤولية تحويل السلام من شعار الى حقيقة واقعية، تؤسس للعدل والاستقرار، وتؤصل في كل الأحوال لخيار السلام، وللوقوف ضد العنف، والتطرف، والإرهاب، والحرب، سواء عنف الجماعات الجهادية الإرهابية، ام عنف المليشيات، ام عنف سلطات الاستبداد والفساد، دائما يواجه بإرادة مجتمعية، وسياسية، وجماهيرية واسعة، فالسلام، والحرب، وجهان لعملة، ولعملية سياسية، اجتماعية فكرية، واحدة، فحين نتحدث عن السلام ورفض الحرب، يعني ذلك أن نبدى في مقاومة شاملة: سياسية، وشعبية، مدنية، يجرى الإعداد والتهيئة لتحويلها إلى مقاومة لدحر الحرب الظالمة، وليس إلى الاكتفاء بشعار "السلام " "أو خطاب الاطراف المتصارعة" ويأتي من هنا قولنا إن خيار السلام ليس مجرد شعار "وكفى" ، لأنه ليس خيار وقرار الضعفاء ، كما يتوهم البعض، بل هو خيار الشجعان المستندين إلى إرادة القوة في داخلهم، وفي داخل الشعب، للدفاع ليس عن شعار "السلام وكفى"، بل للدفاع عن قضايا الحرية، والكرامة الإنسانية، سلام القادرين على حشد قطاع واسع من المجتمع معهم، ومن حولهم، على قاعدة تشريح أسباب الحرب، وجذورها، وعلاقتها بمصالح أغلبية المجتمع في البلاد، فالسلام يعني ثورة سلمية جديدة تسير على منوال ثورة الشباب، والشعب في فبراير2011م، وليس مجرد كلمة تقال وتعفي البعض من مسؤولية مقاومة إهدار الكرامة الإنسانية، تلك التي برزت في صورة الانحطاط السائد، بل يجب أن يتحول خطاب السلام إلى "فيروس ثورة"، وإلى قوة مادية تنتقل من مكان سياسي، إلى مكان اجتماعي، من جغرافية محدودة، إلى ديمغرافية وطنية واسعة، حتى يتحول السلام إلى قيمة لها معنى في الواقع، وليس مجرد كلمة للاستهلاك الوقتي.
السلام، والدعوة إلى إيقاف الحرب، قبل أن تنطلق، أو بعد أن تندلع، قضية تهم المجتمع كله، قد تبدأ النخب الفكرية، والسياسية والوطنية بذلك، كشعار وخطاب، ولكن حتى يتحول ذلك إلى موقف احتجاجي، وإلى حالة اعتراض سياسي، وإلى عمل كفاحي تنظيمي كبير، ينطلق تحديداً من الشارع السياسي، والمدني " وأكرر من الشارع"، ومن قلب حياة المجتمع والناس عامة، في مواجهة الحرب في عناوينها المذهبية والدينية/الطائفية، تحديداً يجب أن ينطلق من الشارع: من الأحزاب، من النقابات، من منظمات المجتمع المدني، من المنظمات المهنية (المحامين، الأطباء، المهندسون، الطلاب الأكاديميون، (الجامعات)، الصحفيون..الخ) وليس من بؤر التخلف المساندة لإنتاج ثقافة الكراهية والتطرف من قبل دعاة الصراع "السني/الشيعي"، اللذين يتصارعون على احتلال ((المسجد))، وتحويله إلى منصة سياسية "حزبية"، أقصد أن يتحول السلام الى ثقافة مدنية، مناقضة لثقافة التطرف، والتشدد والإرهاب، والحرب، إن رفع شعار "السلام وكفى" هكذا دون رؤية، ولا إعداد وتجهيز للناس للعمل والحركة في هذا الاتجاه لا يعني سوى تضحية بالناس، وبالسلام معا، لا يعني فعليا، سوى تفريط بالسلام، وتحويله إلى قيمة استعمالية في معارك السياسة العابرة. وهو أكبر مقتل لمضمون خطاب السلام.
السلام كلمة غير قابلة للاستغلال في معارض الكلام، ولا تعرض هكذا في سوق المزادات، والمزايدات، إلا حين يكون الهدف منها تضحية مجانية بمضمون السلام، تضحية بالمواطنة، والعدل، وحقوق الضحايا المستمر انتهاكها حتى اللحظة، فحين لا يوصلنا السلام، للعدل، والحرية، وإلى الاستقرار، فإنه في الواقع يؤسس لجولات وحشية من الحروب، لا تتوقف، يكون الضحية الأولى فيها المجتمع، ثم أصحاب الحقوق من الضحايا، بعد ان يتحول شعار "السلام وكفى" إلى مجرد خطاب، ونشيد في صحيفة، أو من على منبر خطابي نخبوي، أو مجرد خطاب في "الانترنت"، ووسائل التواصل الاجتماعي في أحسن الأحوال، وكفى المؤمنين خير الدفاع الحقيقي عن خيار السلام، ومقاومة الحرب على الأرض، وهو ما قد يخلق في حياة الناس، ووعي قطاع واسع من المجتمع، حالة من الإحباط، واليأس والقنوط من أي إمكانية للسلام الواقعي، على قاعدة تسوية سياسية وطنية عادلة لا تتجاوز حقوق الضحايا، وقضية الحرية، والكرامة الإنسانية إن ما تقوله خطابات "السلام وكفى" أو دعوة "إيقاف الحرب كيفما اتفق"، هي في تقديري الشخصي خطابات فارغة من المعنى الواقعي، ولن تحقق في الواقع سوى تسجيل رصيد سياسي في سجل حسابات البعض المعنوية، ولا تضيف أي رصيد حقيقي لمعنى حقوق الضحايا، والاستقرار على الأرض.
إذا لم نتجاوز خطابات "الأطراف المتصارعة" أو "طرفي أو أطراف الحرب" وعدم التفريق بين الشرعية، والانقلاب، فإننا لن نتمكن من الدخول إلى قراءة حقيقية للأبعاد، والخلفيات، السياسية، والاجتماعية، والأيديولوجية والطبقية، والتاريخية للحرب، من فجرها بالانقلاب على كل العملية السياسية، وجميع التوافقات، والشرعيات؟! وسنبقى ندور في حلقة مفرغة من خطاب سلام لن يأتي أبداً إلا في صورة حروب متنقلة لا تنتهي.
إن السلام ليس كلمة وكفى، على منوال "الوحدة وكفى"، السلام موقف سياسي، ووطني، وأخلاقي، واجتماعي، وقانوني، السلام رؤية فكرية، ونضالية، وليس مجرد قول لا يتجاوز حدود فعله النطق به، كتبرير ذمة، واستراحة ضمير مؤقتة، (قلنا ما علينا وعلى أطراف الحرب ايقافها)، فما أسهل الحرب مع سلام الفرجة.
السلام رؤية، وهو الوجه الآخر للحرب، فليس هناك من سلام بدون حرب، وهو ما تقوله ثنائية "السلام والحرب" في كل التاريخ الأدبي، والسياسي، والإنساني.
إن رؤيتنا نحو السلام، والحرب، من المهم أن تتضمن موقفاً، سياسيا، وفكريا، ووطنياً، واضحا من قضية (الشرعية)، (والانقلاب)، (والثورة المضادة) إن قفز البعض على (الشرعية الدستورية) التي تمت (بالاستفتاء الشعبي)، والاكتفاء بحصر المسألة كلها في حيز التوافق السياسي أو حسب تعبير البعض، "شرعية التوافق"، وهو حق متجاهلين أن الشرعية الدستورية هي من يعترف بها أغلبية الداخل، لأنه شارك في إنتاجها، وهي من يعترف بها العالم كله، وهي الشرعية التي تصدر الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، بياناتهما، وقراراتهما، بناء على أصل وأساس هذه الشرعية، وأساسها وإن هذه الشرعية هي من قامت عليها العملية السياسية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، بصرف النظر عن موقفنا الشخصي منها، ومن أن المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، هي من أوصلتنا إلى إزاحة رأس النظام السابق، مع بقاء النظام، وهي من أعطت الحصانة (غير القانونية، وغير الدستورية) لرأس النظام السابق وأعوانه، وهي الحصانة التي لم يعترف بها المجتمع الدولي، وهي كذلك من أقرت تعطيل بعض مواد الدستور لصالح المبادرة الخليجية، وليس إلى الغاء الدستور كلية كما قد يفهم البعض، وأن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هي من أوصلتنا إلى إنتخاب رئيس للجمهورية في فبراير 2012م، وبذلك صار عبر صناديق الانتخابات(الاستفتاء الشعبي)رئيسا شرعيا، ودستوريا، وفقا للمادتين (107) (108)، من الدستور، والأهم من ذلك أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي جاء بها التوافق السياسي بين المكونات، هي من أعطت وجعلت من رئيس الجمهورية حكما، وفيصلا في حال اختلاف الجميع مع الجميع، وأعطته سلطة قرار أعلى في حال اختلافهم، ويمكن للبعض العودة إلى النص حول ذلك في الآلية التنفيذية. ومن هنا كانت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وصولاً إلى إنتخاب رئيس للجمهورية، جمع في انتخابه بين الشرعية الدستورية، وشرعية التوافق، وهي الخطوات السياسية، والعملية التي عززت في حينه من خيار السلام، ومنعت البعض من تفجير حرب أهلية، مذهبية/طائفية، كان يعد نفسه لها. وكما يبدو أن ما حصل فعليا من قبل البعض هو تأجيلهم للحرب وإعادة تفجيرها بأثر رجعي في واقع ما يحصل اليوم ، نتيجة أخطاء جذرية في عدم "نقل السلطة"، والاكتفاء بإزاحة رأس النظام، ومناصفته في الحكومة مع بقاء كل مفاصل بنية الدولة العميقة في يده و بيد اعوانه ،دون إعادة صياغة وبناء هيكل ومؤسسات الدولة العميقة على اساس وقاعدة التوافق، وهو خطأ جوهري، ساهم في إعطاء قوة كبيرة لرأس النظام القديم وكذا أخطاء في إدارة الشرعية، والحكومة للعملية السياسية، والطابع الارتجالي في اتخاذ عديد من القرارات، والبطء في الإجراءات التنفيذية، وخاصة حل المسألة الأمنية في المحافظات المحررة، وعدم دعم ومساعدة بعضها، بالشكل المطلوب، خاصة وأن بعض القرارات ، والإجراءات التنفيذية تأتي متأخرة وبعضها الآخر يأتي ليكرس ما كان في الماضي، ولا صلة له بالتغيير المنشود والمستقبل ، وهو ما تؤكده حقائق ووقائع ما يجري اليوم، ذلك أن سؤال هل تم "نقل السلطة" ؟ لم تتحقق الإجابة عنه في الماضي و حتى تفجر الحرب الجارية - يكفي متابعة خطابات علي صالح لإدراك ذلك- والخشية كل الخشية أن يقودنا شعار " السلام وكفى" بدون رؤية، ولا موقف سياسي وعملي، إلى مراكمة شروط دورات عنف، وحروب قد تمتد إلى المستقبل.
إن حديثنا عن الشرعية وتأكيدنا عليها، ليس دفاعا عن عبدربه منصور هادي، كشخص واسم، بقدر ما هو دفاع عن الشرعية كمبدأ، الشرعية كقيمة مؤسسية و دستورية، وقانونية، دفاع عن الشرعية، كمفهوم، وبنية، ونظام، دفاع عن المكان/الموقع، الذي يمثل رمزية لمعنى الدولة، ككيان كلي، يقوم عليها المفهوم العام للدولة، والشعب، والوطن، ومن المهم وضعها أي -الشرعية- في المكان اللائق بها، بصرف النظر عن من يجلس على كرسي الرئاسة، فالتفريط بالشرعية بهذا المعنى هو تراجع لقضية حضور النظام، وبداية زوال لمعنى الدولة وحضورها في عقل الناس ووجدانهم.
إن التأكيد على قضية الشرعية لدينا آتٍ من احترامنا للقيم والمبادئ الدستورية، والقانونية، كما هو آت من تقدير واعتبار لحالة التوافق السياسية التي ينبغي ان تتم ، وحتى لا نساعد ، دون أن نعي ، في خلق وصناعة أكثر من شرعية في الواقع ، كما هو عند البعض، فالشرعية، بمؤسساتها، ومكوناتها هي أولى مقدمات وجود النظام، وبناء الدولة واستمرارها ككيان، وفي غياب الشرعية كرؤية، ومنظومة مؤسسية ((مادية))، لا وجود لشيء اسمه عمل مؤسسي (مؤسسات) ولا دولة، وجميع الدول العاجزة، والفاشلة، يكمن سبب انهيارها في عدم وضع الشرعية حيث يجب أن تكون، وهنا تكون الكارثة، والجميع يعلم أن المشروع الاستعماري لتقسيم المنطقة اليوم كما في الامس البعيد يرتكز وينطلق من تفكيك كيان الدولة والمجتمع والشعب وتفتيته، عبر الصراع المذهبي الطائفي، أو من خلال الصراع المناطقي/الجهوي، القبائلي، وهو ما يحصل اليوم في العراق، وليبيا، وسوريا، واليمن في الطريق ما لم يفهم الجميع ذلك ويدرك أبعاده.
يأتي، من هنا، تأكيدنا المستمر على أن وقوفنا مع قضية الشرعية، ليست دفاعا عن هذا الاسم أو ذاك، ولا عن هذه الجماعة أو تلك، هو دفاع عن المبدأ، والموقف، والمستقبل فالشرعية في الحالة اليمنية القائمة ، هي منظومة متكاملة : الرئاسة، الحكومة ، شرعية التوافق ، مخرجات الحوار الوطني الشامل ،القرارات الاممية (الدولية)وخاصه القرار رقم (2216) السلام ليس هدنه بين حربين، وليس استراحة محارب، لإعداد العدة لتهيئة المسرح الاجتماعي، والعسكري" الداخلي والإقليمي"، لحروب أوسع وأبشع، إن رفض الحرب وإيقافها، والدعوة للسلام، هي رؤية، وموقف عملي وليس هو توارٍ خلف أصبع "الطريق الثالث"، و"الطرف المستقل"، رجل السلام الحقيقي ليس مستقلاً، ولا يمارس هواية لعبة الطريق الثالث، والطرف المستقل. رجل السلام الحقيقي لا يقف في المنطقة الرمادية في اللحظة السياسية والوطنية الاستثنائية (الفارقة) رجل السلام بالفعل ليس محايداً، بل منحازاً ومجاهراً في تناقضه مع الثورة المضادة، إننا حقا في لحظة سياسية ووطنية (فارقه) تقول لنا بوضوح العبارة، إن الحلال بيّن، والحرام بيّن، الشرعية واضحة ومعلنة وليست مجهولة، والانقلاب علني وفاضح، ولا معنى للخلط بين الحلال والحرام، فالمسألة هنا ليست فيها قولان والله أعلم!! كما يذهب إلى ذلك البعض، لان الحلال واضح، والحرام أوضح من أن يتوارى خلف شعار الطرف المستقل.
حين يريد أحدهما (أو أثنانهما) أن يحكمونا باسم الحق الإلهي السلالة أو (بالتوريث)، وحين يكون طريقهما إلى ذلك هو الحرب، "الجهاد/ والتكفير المضاد" فإن لا خيار أمامنا سوى إما أن نقبل طواعية "بالعبودية المختارة"، والتخلي عن الجمهورية، والدولة الوطنية (الاتحادية)، أو أن نرفض، ونقاوم، حيث الحلال بيّن، والحرام بيّن، ومن الصعب الإقامة فيما بينهما، أو الانتظار في المنطقة الرمادية، بين الحلال، والحرام (المنزلة بين المنزلتين) بين استكمال مشروع التغيير، والثورة المضادة، لأن إيقاف الحرب، والسلام لن يكونا بالمساواة بين الضحية والجلاد، بين السيف والرقبة، وبين الشهيد ، والرصاصة، وترك حقوق الضحايا ومنها العدل، والحرية، والمساواة، معلقة على جدار مشجب السلام "الذي يأتي ولا يأتي"، حسب تعبير الشاعر عبدالوهاب البياتي. من قراءتي للمشهد السياسي، ومتابعتي للخريطة السياسية، والفكرية، والثقافية، حول خطاب السلام، أدرك وأعلم أن هناك من يقدم ويطرح خطاب السلام بعقل صادق، صافي السريرة، وبروح رومانسية أخلاقية تتضمن بعد الفضيلة المجردة، أكثر من بعد ملامسة الواقع، ومن موقف محب للسلام على الأرض، كما هناك من يقدم بلاغات لفظية سلاموية (شعاراتية) هو يدرك أن لا معنى لها سوى هروب من تحديد موقف سياسي واضح من كل ما يجري، يريد في أحسن الأحوال مسك العصا من المنتصف، كما أن هناك من يقدم ويعلن بيانات بلاغية سلاموية على طريقة غسيل الأموال، ومنها غسيل سجله السيئ، تحت مسمى (المجموعة الثالثة) و(الطاولة الثالثة)(مجموعة الخبرة والرؤية) وغيرها من العناوين، فليس الجميع في سلة واحدة، لكن مع الأسف النتيجة السياسية، والعملية واحدة، لأن حقوق الضحايا ما تزال مصادرة ومغيبة، والأخطر منه إعداد المسرح المجتمعي لحروب جديدة، ومعالجات مقصورة على الانتهازية، تعيدنا كرة أخرى إلى المربع الأول، وإلى سؤال: الشرعية، والانقلاب، ووضع القوة فوق الحق. لقد ابتذل البعض استخدام مفردة وكلمة السلام، وغيرها من المصطلحات والمفاهيم، حتى صارت من كثرة توظيفها، واستعمالها في غير سياقها المفاهيمي، والموضوعي، والواقعي، والتاريخي، أصبحت بلا معنى، ولا دور ولا وظيفة معرفية، فكرية، مع أن للكلمة دورا في التاريخ، وهو ما صادره البعض عنّا. ومن كلمة (السلام، والحياد، والاستقلالية) وغيرها من الكلمات والمفاهيم، أنا شخصيا لا أقرأ في ترديد البعض لكلمة السلام الشائعة في بعض الكتابات – وغيرها- سوى محاولة لإبراز حقيقة دور الوعي في تزييف الصراع، والتناقض في المجتمع (وعي زائف) بدءاً من كلمة السلام وكفى!! إلى "طرفي، وإطراف الحرب" و"الأطراف المتصارعة"، "والحياد" و"الكتلة الثالثة"، و"الطاولة الثالثة" ، كما كان قبلهم جميعاً شعار (الوحدة وكفى)...الخ.
السلام لا يعني القبول بأن يأخذ البعض حقوق الكل، (حقوق غيرهم)، ويستعبدهم تحت أي مسمى، السلام لا يعني تبني سلام زائف لن يصمد أكثر من فترة إطلاقه من على المنبر، أو جفاف حبره على الورق، إن السلام الحقيقي يحتاج إلى قوة تسنده، وتحميه، وتكسبه مضمونه في واقع الممارسة، السلام ليس كلمة وكفى، إن السلام الضعيف، والهش ليس سوى تسوية على حساب حقوق الضحايا، بعيداً عن العدالة، وجبر الضرر، والإنصاف، في حده الأدنى، هل كل ما يريده "دعاة السلام" هو قبول الضحايا باستمرار الجلاد ضاغطا على دمائهم، وحاصداً لأرواحهم في جولات معاركه القادمة على المجتمع؟!.
إن السلام الحقيقي هو نتاج تفاهمات، واتفاقات، وتسويات عادلة، تضمن حقوق الشعب بالمساواة، وحقوق الضحايا بالعدالة، وليس استمرار التضحية بهم، إلى مالا نهاية، باسم السلام وكفى!!، إن السلام الضعيف، والمساوم على قضية الشرعية والحق، والمتماهي مع سلطة الأمر الواقع (الانقلاب) على حساب الضحايا ، واستعادة الدولة، لن يكون سوى سلاماً منتجاً ومؤسسا لحروب قادمة، عنوانها البارز: هو عدوان إضافي على كرامة الناس الراهنة، والمستقبلية.
والله من وراء القصد..
في العدد القادم مناقشه نقديه للعداله الانتقاليه وإشكالية عدم نقل السلطه
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر