الاربعاء 27 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
محمود الطاهر
خلفية الحوار اليمني!
الساعة 00:31
محمود الطاهر

بعد أشهر من إعلان تأجيل جولة الحوار الثالثة بين أطراف الصراع اليمني يعود ملف المحادثات إلى الواجهة مرة أخرى، ويعلن عنها المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، عن توصل الأطراف اليمنية إلى توافق للحل السياسي في البلاد وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والاتفاق المبدئي على أن تكون جولة المفاوضات الجديدة في دولة الكويت إحدى الدول المنطوية تحت التحالف العربي التي تقوده السعودية للحرب على اليمن.

يأتي ذلك في ظل تطورات استجدت على الساحة اليمنية منها تصريحات صدرت عن قيادات حوثية ترفض التدخل الإيراني في الشأن اليمني، بالإضافة إلى إعلان الرياض قربَ انتهاء العمليات العسكرية الأساسية، إضافة إلى تلميحات سعودية وحوثية عن وجود محادثات سرية بينهما من أجل التهدئة والتهيئة لعملية تفاهمات أو ربما “خداع سياسي” من العيار الثقيل..

في البداية طلب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح إلى حوار مباشر مع المملكة العربية السعودية، لكن يبدو أن اﻷخيرة لم تلتفت إلى طلبه ﻷنها تريد أمرًا آخر، ربما عجزت عن تنفيذه طيلة الحرب الدائرة والطاحنة في اليمن، ولجأت إلى ذات الفكرة لكن مع الحوثيين وهذا أمر له بعدين “سياسي وعسكري”.

البعد السياسي رسالة إلى الرئيس السابق الذي رفض كل اﻹغراءات من الرياض وغيرها ﻷن ينضم إلى صفها لمقاتلة الحوثيين وينهي تمردهم لما له من خبرة عسكرية ونفوذ قوي وسط القبائل اليمنية، ليكلل أول تحالف تقوده السعودية بالنجاح الباهر، لتثبت للولايات المتحدة اﻷمريكية أنها قادرة على كل شيء والاعتماد عليها خير من إيران التي مالت واشنطن إليها مؤخرًا.

البعد العسكري، طالبت أو قبلت الرياض أو ما شئتم تسميتها، بالمفاوضات السرية المباشرة مع الحوثيين، لاستخدام ذلك عسكريًا لشق التحالف بين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح والحوثيين، من خلال العمل على اﻵلة الإعلامية والحديث أن الحوثيين قبلوا بما كان رفضه صالح، وهو ما قد يشعر حزب المؤتمر الشعبي العام والجيش اليمني بالخيانة المريرة مما يخلف مشاكل في الجبهات التي يقفون جنبًا إلى جنب فيها تكون نتائج ذلك عكسيا، وهو ما يسمح للموالين لهادي التقدم نحو العاصمة صنعاء والسيطرة على مدن رئيسية واستراتيجية هامة.

هذا البعد يبدو أنه اﻷقرب ﻷمرين هامين، اﻷول هو أن المملكة العربية السعودية التي أدرجت الحوثيين ومنظمات شيعية تحت بند اﻹرهاب، ورفضت التعامل معهم، فضلًا عن أنها أخرجت الحرب على هذه الطوائف إلى العلن بعد أن اعتبرت أن حزب الله منظمة إرهابية وسعت لتكوين تحالف إسلامي مكون من 32 دولة ذات الغالبية السنية لمحاربة “اﻹرهاب”، لا يمكن أن تتحاور معهم بحسن نية، بل من أجل كسرهم أو استخدامهم لمأربها الشخصية، ولا ننسى بيان داخلية السعودية التي نشرته واس في 7 مارس 2014 عن إدراج الحوثيين ضمن قائمة اﻹرهاب.

اﻷمر الثاني هو التقدم المحدود ﻷنصار هادي في مدينة تعز وحريب مأرب اليمنيتين، بعد انكسار جزئي أو انسحاب لقوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح، بحسب ما أكد لي شخصيًا مصدر فيه إن ذلك كان ناتج عن خيبة اﻷمل التي شعروا بها بسبب المحادثات السرية، بعد أن عادوا للالتحام مجددًا.

حسنًا.. إعلان المبعوث اﻷممي إلى اليمن عن تفاهمات يمنية سعودية وموافقة كافة أطراف النزاع اليمني ﻷهمية الحل السياسي اليمني وتشكيل حكومة وحدة وطنية، أمرٌ في غاية اﻷهمية وبداية حقيقة للحل السلمي بدلا عن العسكري، إن كان ذلك مبنيًا على نية حقيقة ﻹنهاء مأساة اليمنيين.

لكن ما خلفية تلك التفاهمات، وما هو موقف كافة اﻷطراف اليمنية، كيف اتفقوا على الحل السلمي وسيذهبون إلى الكويت الدولة التي تشترك مع السعودية في إفراغ حمولات طائراتها على قوات الحوثيين وصالح والمدنيين، وهم قبل ذلك رفضوا الذهاب إلى أي دولة مشاركة في التحالف (على اعتبار أن الذهاب إليها استسلام) واستقروا في مسقط ومن ثم جنيف؟

هل اعترف الحوثيون أخيرًا بعبده ربه منصور هادي رئيسًا للجمهورية، أم أن هناك تفاهمات برحيل هادي إلى أمريكا للعلاج الطويل، وتسليم السلطة لبحاح المكلف بالدعوة إلى انتخابات رئاسية.. هذا ما ستتكشف عنه خلال اﻷيام أو الشهور القادمة.

في نظرة أخرى، يبدو أن الحوثيين شعروا بهاجس الانكسار أو اﻹغراء الذي يسيل له اللعاب، وهو أن يتم تمكينهم سياسيًا واعترافًا دوليًا بهم وتحقيق الحلم الذي تعرقل مقابل التخلي عن حليفين اثنين، وهو صالح الذي رفض التخلي عنهم، وإيران التي دعمتهم إعلاميًا، وهذا قد يكون ممكنًا بسبب مطالبة أحد قيادي الحوثيين طهران بكف التدخل بالشئون اليمنية..

إذًا.. هناك “رائحة صفقة سرية” بين السعودية والحوثيين.. لكن هل يكون ذلك على حساب الرئيس اليمني السابق وجماعة اﻹخوان المسلمين الذين خذلوا السعودية في حربها على اليمن، وهذا قد يجيب عليها خطاب صالح يوم 26 مارس الجاري بطريقة أو بأخرى سأحرص على متابعتها؟

إذا كان هذا اﻷمر بالفعل.. فاليمن قادمة على ما هو أسوأ وقد يتبدل فيها التحالفات، ويصبح عدو اﻷمس صديق اليوم، وتنشغل اليمن بحروب أهلية أخرى لن تنته، وقد تكون حربًا عرقية لن تبق ولا تذر، ولا نتمنى ذلك.

عن محيط

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص