الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
زكريا السادة
علي محسن
الساعة 21:59
زكريا السادة

لم يستطع النوم حينما قالوا له: يافندم علي محسن أعلن انضمامه للثورة ، حتى أنه عاش ليلته بين رزانة المرحوم الإرياني وتطبيبه ونزق سلطان البركاني وشعوذته ، ولم يكن القصر يتسع لضيق صدره فقد قال بملئ فاه :خانني ،خانني ، تلك هي أول ليلة شعر فيها المخلوع أنه يعيش مشلول ومكسور الجناح ، وربما كانت هي أول صفعة منذ توليه مقاليد الحكم ، وهي أخطر ردة فعل للجنرال الذي أرد المخلوع التخلص منه ، وبإعلان انضمام اللواء علي محسن كانت ثورة 2011م قد كسرت أحد الفكين للكماشة العسكرية التي كان من المتوقع أن تنقض على ساحة الثورة والتي لا تبعد عن مقر الفرقة الأولى مدرع سوى أمتار ، غادر الجنرال ساحة المخلوع واتجه ليكون خلف ساحة التغيير، أراد أن يدركه بالوساطة القبلية التي كانت هي الأخرى محفوفة بغدر المخلوع لكنه (علي) أعتلى أحدى سيارات التوجيه المعنوي وخاطب وساطة المخلوع بالميكرفون وإن كان بين الوساطة أقرب الأقرباء من الجنرال (علي) فهو يخبر مكر المخلوع وخبثه ، باشر بالرد على تلك الرصاصات وأغلق كل محاولة يفكر بها زعيم الاغتيالات ، فتح باب التجنيد وقال كلمته الشهيرة : اعلن انضمامي لثورة الشباب السلمية ، وجهت نحوه الصواريخ من نقم والنهدين الى مقر قيادته فعتلى تبه علي محسن والستين ومشط منطقة مذبح والحصبة ، هدد "يحيى" المسيرات بجنود الأمن المركزي فأرسل (علي) أطقم تحمي المسيرات وتضرب تلك المنازل التي يعتليها القناصة ، بقى شوكة في حلق المخلوع ولم يُهزم عسكرياً بل كان بمقدوره مواجهة الأمن المركزي والحرس الجمهوري والبقاء نداً في وسط العاصمة صنعاء ، كان المخلوع في كل خطاباته يخطب من أجل أن يرمي اللواء علي محسن لكنه عجزعن مواجهته .

في العام 2011م ذهبنا مجموعة من الصحفيين لمقابلة الفريق علي محسن في مقر الفرقة الأولى بشأن احتجاز الصحفي محمد صدام ، وقتها كان (علي) يرتدي بزته العسكرية وقابلنا بالمدافع عن موقفه وقال لنا : هذا كشف لأكثر من 400 مختطف لدى "صالح" قولوا له يخرج سجنائنا ونحن سنخرج من هم عندنا ، ولم يكتف بذلك بل كشف عن حديث دار بينه وبين المخلوع وقال : أثناء الانتخابات الرئاسية 2006 قال بأن دبابات قصر الرئاسة لن تسمح لشملان مرشح الرئاسة وقتها من دخول قصر الرئاسة ، في إشارة واضحة الى الطعن بمشروعية "المخلوع" أثناء تلك الانتخابات حينها أدركت أن (علي) الوحيد الذي يجيد الرقص مع المخلوع .

حروب صعدة كانت هي ماكينة الاستهلاك لقوة اللواء علي محسن وهذا ما كان يسعى اليه المخلوع ، وقتها (علي) في الميدان يقاتل بينما "المخلوع" يتصل بمشائخ صعدة ليرسل لهم السلاح ليلتف على جبهة الجيش، كرس جل اهتمامه للتخلص من القوة التي أرست دعائم حكمه ليحلها بقوة نجله "أحمد" ، ورغم إدراك الجنرال العجوز بالجزاء الذي يعد له "المخلوع" ليكافئه كنهاية الخدمة إلا أنه كان لا يحاول أن يشعر بذلك فكان يرقص في محافل "المخلوع" ويبتسم كعادة (علي) وصل به الى أن يحذر منه المخلوع فجرده من سلاحه الشخصي في إحدى زياراته وهو لا يزال يعلق صورته على جدار مكتبه ، الدهاء الذي أنتهجه الفريق علي محسن فاق مكر المخلوع ، وبقى الشخص الوحيد الذي يخبر التضاريس العسكرية والقبلية والسياسية لحياة شخص يتناقض مع نفسه في اليوم أكثر من ساعته .

نستطيع أن نجزم أن قرار الرئيس عبدربه منصور هادي بتعيين الفريق علي محسن نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة كان بمثابة رد الاعتبار للمؤسسة العسكرية والهيكلة الحقيقة لتشكيل قوة ضاربة تنهي تمرد ميليشيات الحوثي والمخلوع ، قبل يومين تحسر "المخلوع" لنهايته باعتبار أن المبادرة الخليجية منعته من مواجهة ثورة الشباب وحسمها عسكرياً - حسب قوله - ، متناسيا أن المبادرة الخليجية كانت بمثابة إنقاذ له ولعائلته ولثروته الضخمة الذي جناها طيلة حكمه ، تعيين الفريق علي محسن بعد أن تشفى بإخراجه عن المشهد لم يعد محل نكاية بالخروج من اليمن لإنهاء الحالة السياسة ، فقد تغير ميزان القوة وأصبح (علي) بمثابة اليد التي يُطلب منها الحسم عسكرياً وربما بطريقة يراها جنرال المشهد مناسبة.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص