السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
زكريا السادة
دولة الموت (تر)
الساعة 19:47
زكريا السادة

لا غرابة أن ينتقل محمد علي الحوثي رئيس ما يسمى اللجنة الثورية من العاصمة صنعاء الى مدينة الحديدة بطريقة التخفي وبوسيلة (موتور ) الدراجة النارية والتي تحتل الدرجة الأولى بين وسائل المواصلات في المدينة ، فالتبريرات التي تلت تراجع أصوات الشاصات والمواكب الترابية والتفحيطات الصاخبة ، وصفت الحوثي بالمتواضع الذي وصل على متن وسيلة متواضعة وآخر في ساعة سليمانية يقول : أهمية الوقت وزحام السيارات جعلت الرجل حريص على وقته وشق طريقه بين الزحام على دراجة نارية ، بينما ينادي أحدهم على عُجالة أين السيارة ؟ افتح البوابة .. أثناء وصولهم قصر الرئاسة في الحديدة ، طريقة إرباك لموكب متعجل للاجتماع (على الطريق) ، (أكشن) لم يستمر لأكثر من نصف ساعة التقطت فيه صورة يضم عدة أشخاص ومن خلف المنصة ثنائي مارينز حوثي يضفي قلق مستمر وينذر بكارثة حلت على توصيف الزيارة التي ظهرت تحت يافطة (تعقد الجلسة النقاشية مع المجاهد الأستاذ ... ) ، ويظهر من وصفوه بالمجاهد أمام قنوات تابعة لإيران مباشرة ماعدا قناة اليمن التي لم يعد فيها إلا الميكرفون .

وصدق المثل القائل : (كذب الكذاب وصدقها ) ، وهذا هو حال جهادي هذا الزمان وفاتح مران الذي يتظاهر بقيادة البلاد ويحاول أن يتنقل بين صنعاء والحديدة ليصنع لنفسه موكب ودولة وتحركات تشعر الحاضرين بأنه رئيس فعلي ، ألامبالاة التي انتهجتها هذه الميليشيات تشعرك أنها ستحكم ولو على أنقاض ودمار ، طيشها جعلت الشعب ضحية لشعارات الموت التي ترافق مسيرتها اليومية ، لم يكن "الحوثي" مخطئ عندما أمتطى (موتور) فالبلاد بأكملها كاد أن يهذهب بنفس دراجة المجاهد الكبير ، وليس عيب اتخاذ وسيلة عامة في سبيل الوصول ، لكن العيب والخزي عندما تحولت أوضاع الملايين بأفعال الميليشيات الى بؤس يومي وأزمة خانقة في شتى مناحي الحياة ، والعيب أيضا أن ترسل عصابة لمحاصرة المدنيين في عدة مدن ، وكل العيب أن تحاول التسلق الى منصب يرفضك فيه غالبية الشعب وتبدو وكأنك تسرق صخرة وتربطها في شعرة ، الأمر لا يتوقف على زيارة مدينة فحسب بل الهروب من دمار ومخلفات الحرب التي تركتها الميليشيات في كل مدينة ، ولن يستطيع أحد أن ينكر غباء هذه الميليشيات التي باتت محل سخرية حليفها المخلوع نفسه الذي دفع بها لتقود مناصب وهمية عدة .

مدينة الحديدة التي يعرفها الجميع أهلها لا ينزعجون من أي زائر عدا زيارات الموت وخطابات التحريض  وجوه البسطاء وردود أفعالهم التهامية أعادت مشهد آخر من المسلسل المشهور (همي همك )  ، الجولة التي كانت خاطفة لم تتكل بالصرخة وربما تكون هذه الزيارة الأخيرة التي ارادها "الحوثي" لنفسه وفي لحظة تراجع وعدم تماسك عناصره في أكثر من موقع ، أرادوها كذلك أن تكون رحلة يشهد له فيها (حسن زيد ) ويصفه ، بمتواضع زمانه وحليم عصره (وجريندايزر الصرخة) ، وكما هي شهادة "زيد" تأتي شهادة أبوفأس صانع الزوامل وبائع صور حجة الزمان في جولة عصر الذي يقول : انه انتظر الجيش الوطني على حدود فرزة صنعاء في الحديدة ما جعل صديقة أبوعُفاش بضم العين يقاطعه ويقول له : على فرضة نهم القريبة من صنعاء لكن جدال بعضهما قطعته صرخة الحاضرين وابتسم كلاهما وقالا :  ما نبالي ما نبالي لو تركنا الشاص في سود الليالي .

فارق كبير بين من يُهرب الحياة الى ملايين السكان في مدينة تعز وبين من يهرُب بجلده على متن دراجة نارية ، وينصب نفسه حاكماً وقائداً وثورياً ، وشتان بين من ينقل غذاء ودواء المحاصرين لعدة أشهر وبوسائل نقل بدائية ليكون شعارهم الحياة لا الموت ، ربما هي عدالة السماء التي حلت بحق من منع غذاء الأطفال ودواء المسنين ، ليكون خائفاً في تحركاته محاصراً في نفسه متنقلاً في أسوء موكب عرفته الوفود الرسمية التي أراد ان يصنعها لنفسه ، مشقة آلف المدنيين في جبال تعز أثناء تهريب الحياة على ظهورهم ودوابهم لن يكون بينها وبين الله حجاب مادامت غاية الميليشيات الموت والدمار.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً