السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أحمد طارش خرصان
شيء من الإنسانية
الساعة 20:05
أحمد طارش خرصان

لم يعد هناك ما يستحق التوقف عنده ، وكلّ ما يحيط بك يكاد يكون مستهلكاً ومكروراً ، وربما يدفعك يأسك لأن تستسلم لروائح البؤس الكريهة وجفاف القيم في حياة أناسٍ ، فقدوا الرغبة في التواجد على نحوٍ - غير مستحبٍ - قد يكون مهيناً ومُذِلّاً.

في إب وحدها ثمة حياةٌُ أخرى ، تتوغل في مساماتها المثل ، ويملأ فراغاتها الشعور بنزاهة الإنتماء لمجتمعٍ ، أوشكت الحروب على قضم ما تبقى من إنسانيته وإلتزامه للمبادئ العظيمة .

في زوايا المدينة المنسية ، تذبل الأحلام وتتقاسم الأوجاع حياةً ، ما زالتْ ترنو بعينين مطفأتين إلى كُوّةٍ - في جدار اليأس السميك - تسلل منها الفرحُ ، وأزاحَ بعضاً من أوجاع من لفَّهم البؤس وناشهم العَوَز .
لم تجد حياتها في تلك النمطية المقززة والنفعية المجردة من القيم ، ولم تكن منفذاً صالحاً للثراء والربح بقدر ما كانت ، حكاية جيدةً تصلح لأن تكون عنواناً لمدينةٍ ، ملأت فضاءاتها غيمتان تقاسمتا معاً فضاء المدينة وقلوب سكانها الفقراء والمعدمين.

تتناوب غيمتا إب التواجد في تفاصيل جغرافيتها ، و أروقة مشاعر - سكانها - المكلومة وآمالهم المكسوة بالجفاف والقحط ، ومع أفول غيمة السماء ، تطل غيمة الأرض متشحةً بإحساسها والتزامها تجاه رسالتها الإنسانية ونُبْل غايتها ومقصدها في كل ما تقدمه للجميع.

تتوغل الشركة الأهلية للمياه المعدنية ( بلادي ) في حياة إب ، وتكاد تكون الشركة وطاقمها العامل حالة التعافي في جسد الرأسمال الوطني ، ولعل إب وهي تقاوم تبعات الحرب المكلفة تحفظ للشركة كل ما تقدمه من دعم مناشط إنسانية وإجتماعية ورياضية وفنية ، ما جعل الشركة تخرج عن كونها شركة أهلية لتكون مؤسسة وطنية وملاذَ من لا ملاذَ له .

ترسل الشركة الأهلية للمياه المعدنية ( بلادي ) ، أكفها عبر حملة ( دثروني ) لتمنح الدفء والإحساس النزيه بأننا ما زلنا بخير ، لتشمل هذه الحملة الطلاب النازحين جراء الحرب - طلاب الأرياف المعدمين ، ومدّهم بالفرش والبطانيات في شتاءٍ ، يبدو أنه اتسع لينال ضمائر وقلوب رؤوس الأموال ، ليظل التصحر القيمي عنوان مرحلة ، هي أسوأ ما مرَّتْ به اليمن .

ربما تجاوز الحاج يوسف عبدالودود سعيد رئيس مجلس إدارة الشركة النظرة القاصرة للمال ، وأدرك مبكراً حقيقة وقيمة الإنتماء للناس وآلامهم وأوجاعهم ، فكان حاضراً في حالة فرح علتْ الوجوه ، وابتسامة طفلٍ ضمن النصر على الصقيع ولياليه القاسية .

في حملة دثروني تتظافر الجهود وتتشابك إرادة الخير لتصل إلى الأسر الفقيرة أيضاً ، ولعل الحملة أبانتْ حجم الفاجعة والهُوّة بين ما ندّعيه ونمارسه ، وأظهرتْ الحقيقة في أننا لسنا أسوياء.

يبدو لي أن السيد صلاح الدين عبدالغني داوود المدير العام التنفيذي لشركة مياه ( بلادي ) ، أقدر- من رجال أعمال كثيرين - على الإنحياز لإنسانيته وواجباته تجاه من شردهم العنف ، وأطفأت أحلامهم الحرب ، وصادر أملهم في النجاة نَهَمَ القتل وشريعة الغاب ، ولعله وهو بمارس طقوس إنسانيته رفقة المعدمين والفقراء والنازحين أكثف حضوراً وأكثر تواجداً ، في دنيا لم تدعْ لنا ما نفرح به ولأجله .

لا يبحث المعروف والمروءة عن أحد ، لكن ثمة دليل وحادٍ إليها ، ويكاد الإنسان عرفات شرف مدير العلاقات العامة في الشركة ، أن يكون جناحي كل مروءة ومعروف ، وربما يجد كل عمل خيري لدى عرفات شرف معانيه المفقودة وتجرده من الذاتية والأنا الفائضة .

ذلك أن الصديق عرفات شرف أشبه بنبع وُجِدَ ليُعطي ، وتدفقَ ليروي ظمأ الجميع وبإنحيازٍ مكتملٍ للمثل والقيم. 

بين صلاح الدين عبد الغني داوود - المدير العام التنفيذي. - ونائبه أحمد يوسف عبدالودود تبرز حقيفة النجاح والتماهي مع آهات الموجوعين وأنين المفجوعين ، وتتعاظم العطاءات في مدينةٍ ها هي اليوم ، تقف بين موتين يتربص كلٌُ منهما بالآخر.

تواصل حملة دثروني رحلتها في مساءات المترفين أسىً وعوزاً وفقراً ، ويظل العزيز ماجد ياسين نافذة مشرعة على كل ما هو جيدٌُ ونفيس ، ذلك أن تواجده يضفي على الحملة مسحةً بالغة النزاهة والحنان ، ولعل ذلك كافٍ لأن تجزم بنجاح الحملة وبلوغها الهدف المنشود .

قد نكون تجاوزنا كثيرين في الحملة غير أنه ليس بمقدورك وأنت تتبع خطى الحملة ، أن تغفل النبيل عبدالرحمن البيضاني ، والذي عكس حقيقة تسميته فكان أبيضاً في تحسسه لأوجاع المعوزين ، وبهياً في سماء من شملتهم الحملة حتى الآن . 

ولأن الختام يجب أن يكون مسكاً ، فإن تواجد العزيزة كريمة الحكيم كمجهرٍ ، لن تتخطى التفاصيل الصغيرة ، وستمنح الحملة ما يمكنها من استكمال رحتلها ، بتفانٍ وروح ممتلئة بمحبة الآخرين ، وستبقى العزيزة كريمة الحكيم معراجاً لكل فضيلة وخلق سامٍ ونزيه.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً