الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
شيء من الإنسانية
الساعة 20:05
أحمد طارش خرصان

لم يعد هناك ما يستحق التوقف عنده ، وكلّ ما يحيط بك يكاد يكون مستهلكاً ومكروراً ، وربما يدفعك يأسك لأن تستسلم لروائح البؤس الكريهة وجفاف القيم في حياة أناسٍ ، فقدوا الرغبة في التواجد على نحوٍ - غير مستحبٍ - قد يكون مهيناً ومُذِلّاً.

في إب وحدها ثمة حياةٌُ أخرى ، تتوغل في مساماتها المثل ، ويملأ فراغاتها الشعور بنزاهة الإنتماء لمجتمعٍ ، أوشكت الحروب على قضم ما تبقى من إنسانيته وإلتزامه للمبادئ العظيمة .

في زوايا المدينة المنسية ، تذبل الأحلام وتتقاسم الأوجاع حياةً ، ما زالتْ ترنو بعينين مطفأتين إلى كُوّةٍ - في جدار اليأس السميك - تسلل منها الفرحُ ، وأزاحَ بعضاً من أوجاع من لفَّهم البؤس وناشهم العَوَز .
لم تجد حياتها في تلك النمطية المقززة والنفعية المجردة من القيم ، ولم تكن منفذاً صالحاً للثراء والربح بقدر ما كانت ، حكاية جيدةً تصلح لأن تكون عنواناً لمدينةٍ ، ملأت فضاءاتها غيمتان تقاسمتا معاً فضاء المدينة وقلوب سكانها الفقراء والمعدمين.

تتناوب غيمتا إب التواجد في تفاصيل جغرافيتها ، و أروقة مشاعر - سكانها - المكلومة وآمالهم المكسوة بالجفاف والقحط ، ومع أفول غيمة السماء ، تطل غيمة الأرض متشحةً بإحساسها والتزامها تجاه رسالتها الإنسانية ونُبْل غايتها ومقصدها في كل ما تقدمه للجميع.

تتوغل الشركة الأهلية للمياه المعدنية ( بلادي ) في حياة إب ، وتكاد تكون الشركة وطاقمها العامل حالة التعافي في جسد الرأسمال الوطني ، ولعل إب وهي تقاوم تبعات الحرب المكلفة تحفظ للشركة كل ما تقدمه من دعم مناشط إنسانية وإجتماعية ورياضية وفنية ، ما جعل الشركة تخرج عن كونها شركة أهلية لتكون مؤسسة وطنية وملاذَ من لا ملاذَ له .

ترسل الشركة الأهلية للمياه المعدنية ( بلادي ) ، أكفها عبر حملة ( دثروني ) لتمنح الدفء والإحساس النزيه بأننا ما زلنا بخير ، لتشمل هذه الحملة الطلاب النازحين جراء الحرب - طلاب الأرياف المعدمين ، ومدّهم بالفرش والبطانيات في شتاءٍ ، يبدو أنه اتسع لينال ضمائر وقلوب رؤوس الأموال ، ليظل التصحر القيمي عنوان مرحلة ، هي أسوأ ما مرَّتْ به اليمن .

ربما تجاوز الحاج يوسف عبدالودود سعيد رئيس مجلس إدارة الشركة النظرة القاصرة للمال ، وأدرك مبكراً حقيقة وقيمة الإنتماء للناس وآلامهم وأوجاعهم ، فكان حاضراً في حالة فرح علتْ الوجوه ، وابتسامة طفلٍ ضمن النصر على الصقيع ولياليه القاسية .

في حملة دثروني تتظافر الجهود وتتشابك إرادة الخير لتصل إلى الأسر الفقيرة أيضاً ، ولعل الحملة أبانتْ حجم الفاجعة والهُوّة بين ما ندّعيه ونمارسه ، وأظهرتْ الحقيقة في أننا لسنا أسوياء.

يبدو لي أن السيد صلاح الدين عبدالغني داوود المدير العام التنفيذي لشركة مياه ( بلادي ) ، أقدر- من رجال أعمال كثيرين - على الإنحياز لإنسانيته وواجباته تجاه من شردهم العنف ، وأطفأت أحلامهم الحرب ، وصادر أملهم في النجاة نَهَمَ القتل وشريعة الغاب ، ولعله وهو بمارس طقوس إنسانيته رفقة المعدمين والفقراء والنازحين أكثف حضوراً وأكثر تواجداً ، في دنيا لم تدعْ لنا ما نفرح به ولأجله .

لا يبحث المعروف والمروءة عن أحد ، لكن ثمة دليل وحادٍ إليها ، ويكاد الإنسان عرفات شرف مدير العلاقات العامة في الشركة ، أن يكون جناحي كل مروءة ومعروف ، وربما يجد كل عمل خيري لدى عرفات شرف معانيه المفقودة وتجرده من الذاتية والأنا الفائضة .

ذلك أن الصديق عرفات شرف أشبه بنبع وُجِدَ ليُعطي ، وتدفقَ ليروي ظمأ الجميع وبإنحيازٍ مكتملٍ للمثل والقيم. 

بين صلاح الدين عبد الغني داوود - المدير العام التنفيذي. - ونائبه أحمد يوسف عبدالودود تبرز حقيفة النجاح والتماهي مع آهات الموجوعين وأنين المفجوعين ، وتتعاظم العطاءات في مدينةٍ ها هي اليوم ، تقف بين موتين يتربص كلٌُ منهما بالآخر.

تواصل حملة دثروني رحلتها في مساءات المترفين أسىً وعوزاً وفقراً ، ويظل العزيز ماجد ياسين نافذة مشرعة على كل ما هو جيدٌُ ونفيس ، ذلك أن تواجده يضفي على الحملة مسحةً بالغة النزاهة والحنان ، ولعل ذلك كافٍ لأن تجزم بنجاح الحملة وبلوغها الهدف المنشود .

قد نكون تجاوزنا كثيرين في الحملة غير أنه ليس بمقدورك وأنت تتبع خطى الحملة ، أن تغفل النبيل عبدالرحمن البيضاني ، والذي عكس حقيقة تسميته فكان أبيضاً في تحسسه لأوجاع المعوزين ، وبهياً في سماء من شملتهم الحملة حتى الآن . 

ولأن الختام يجب أن يكون مسكاً ، فإن تواجد العزيزة كريمة الحكيم كمجهرٍ ، لن تتخطى التفاصيل الصغيرة ، وستمنح الحملة ما يمكنها من استكمال رحتلها ، بتفانٍ وروح ممتلئة بمحبة الآخرين ، وستبقى العزيزة كريمة الحكيم معراجاً لكل فضيلة وخلق سامٍ ونزيه.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص