الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
د/عبدالله أبو الغيث
مجلس جامعة صنعاء.. يا من لقي الضائعة ؟!
الساعة 18:49
د/عبدالله أبو الغيث

   يبدو أننا في هذا المقال سنضطر لنغني مع المطرب اليمني المعروف على الآنسي يرحمه الله أغنيته الشهيرة "يا من لقي الضائعة" ونحن نتحدث عن مجلس جامعة صنعاء، هذا المجلس الذي يعد أعلى سلطة في الجامعة، ويدخل ضمن مهامه التصديق على كل القرارات التي يتم اتخاذها في مجالس الأقسام العلمية والكليات والنيابات المختصة (الشؤون الأكاديمية، الدراسات العليا، شؤون الطلاب)، وبدون ذلك التصديق لا يمكن للقرارات أن تصبح نافذة.

   ولذلك فقد حرص المُشَّرع على ترتيب اجتماعات تلك المجالس بحيث تنعقد كلها في إطار شهر واحد، ما يسهل على أصحاب المعاملات انجازها خلال ذلك الشهر كونها تمر على كل تلك المجالس، حيث حددت اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات اليمنية في مادتها رقم (30) بأن تنعقد مجالس الأقسام في الأسبوع الأول من كل شهر، ومجالس الكليات في الأسبوع الثاني، ومجالس النيابات في الأسبوع الثالث، ثم ينعقد مجلس الجامعة في الأسبوع الرابع من الشهر.

   وكان ذلك في حال الالتزام به يسهل على الناس أمورهم، حيث كان يتم الالتزام بنصوص اللائحة حتى وقت قريب، لكن لوحظ مؤخراً بأن رئاسة الجامعة صارت تماطل في عقد اجتماعات مجلس الجامعة لشهور عديدة، ولسبب لا نعرفه (أو بالأصح لا أعرفه أنا)، حيث عقد المجلس خلال العام المنصرم 2015م أربعة اجتماعات اعتيادية فقط، كان أولها في منتصف شهر فبراير، وكان آخرها في مطلع شهر أكتوبر.

   والغريب في الأمر بأن المجلس عندما ينعقد تقوم رئاسته بطرح المواضيع التي تهمها للنقاش ثم ترفع جلسات المجلس من غير أن يكمل مناقشة المواضيع التي في جدول أعماله، ليعود أصحابها للانتظار شهور أخرى.

   فعلى سبيل المثال رفع المجلس اجتماعه الرابع (أكتوبر 2015م) من غير أن يكمل مواضيعه، مع أن بعضها كان قد تم تسليمه لسكرتارية المجلس بعيد انعقاد الاجتماع الثالث للمجلس (أول شهر أغسطس 2015)، ما يعني أن أصحاب تلك المواضيع صاروا ينتظرون انعقاد المجلس منذ أكثر من خمسة أشهر.

   ويوم أمس الثلاثاء وبعد طول انتظار تم دعوة المجلس للانعقاد في اجتماعه الاعتيادي الأول للعام الجديد 2016م، بعد مرور ثلاثة أشهر على اجتماعه السابق، وكان معروضاً على المجلس قرابة خمسين موضوعاً، ومع ذلك ظل المجلس طوال الاجتماع يناقش موضوعاً واحداً، متمثلاً بإقرار نظام التعليم اللا تنافسي (نظام يسمح للطلاب اليمنيين الفاشلين في اختبارات القبول بالدراسة برسوم كبيرة تدفع بالدولار) حيث كانت الجامعة قد فتحته أمام الطلاب من غير موافقة المجلس، وكان الكثير من أعضاء المجلس يرون عدم شرعية هذا النظام ويعارضون فتحه.

   خلاصة القول حصلت رئاسة الجامعة على موافقة من المجلس لفتح هذا النظام ثم تم رفع الجلسة على أن يواصل المجلس انعقاده يومنا هذا الأربعاء، وبعد أن وصل الكثير من أعضاء المجلس إلى قاعة الاجتماع أو صاروا في طريقهم إليه تم إبلاغهم بتأجيل اجتماع المجلس إلى أجل غير مسمى، ضاربين بمصالح المواضيع المعروضة على المجلس عرض الحائط، بحيث يضطرون للانتظار شهور أخرى جديدة فوق الشهور التي انتظروها سابقاً.

   وكانت الحجة لتأجيل اجتماعات المجلس هي انشغال رئيس الجامعة (رئيس المجلس) في عمل آخر، مع أن اجتماع المجلس قد تم تحديده سلفاً، إلى جانب أن اللائحة لا تشترط لصحة انعقاد المجلس حضور رئيسه، وتعطي الحق لأحد نوابه الثلاثة لأن يرأس اجتماع المجلس في حال غياب الرئيس، كما هو الحال مع كل المجالس في هذه الدنيا الواسعة.

   تجدر الاشارة أن بعض المواضيع المعروضة على المجلس يترتب عليها حقوق مادية، فهناك دكاترة أنهوا إجازات لهم بدون مرتب ويعيشون بدون راتب منذ أواخر العام الدراسي المنصرم، وهم يخسرون في كل شهر تأخير مرتب كامل، ومثلهم مبتعثين للجامعة حصلوا على الدكتوراه وقطعت عنهم منحهم المالية، ويعيشون على ما يساوى خُمس الراتب المفترض أن يستلموه بشهاداتهم الجديدة....الخ.

   وكل ذلك بسبب المماطلات غير المفهومة وغير المبررة لانعقاد مجلس الجامعة بصفة دورية كل شهر، على أن يَنظر في كل المواضيع المعروضة عليه في كل اجتماع من غير أن يؤجلها إلى اجتماع آخر حتى إن كان سينعقد بعد شهر حسب اللائحة وليس شهور عديدة حسب ما هو حادث فعلاً.

   لو كانت اليمن تمر بظروف طبيعية كان بمقدور أصحاب المواضيع المعروضة على المجلس رفع دعاوى قضائية للحصول على تعويضات كاملة عن ما لحقهم من أضرار مادية ومعنوية جراء عدم انعقاد اجتماعات مجلس الجامعة في موعدها المحدد، وسيتحمل تلك التعويضات من يقف وراء تعطيل عمل مجلس الجامعة، سواء بصفته الشخصية أو بصفته الاعتبارية.

   ننبه أخيراً بأن قرارات مجلس الجامعة صار بعضها لا ينفذ، فعلى سبيل المثال كان قد طُرح على المجلس في اجتماعه الأخير شكوى من عميد كلية الشريعة بخصوص نهب ختم الكلية ودفتر شيكاتها من قبل أحد النافذين في الجامعة، ورغم أن المجلس قد شدد على ضرورة حماية العميد ومنع الاعتداءات على الكلية، لكن رئاسة الجامعة رأت أن تحل القضية بطريقتها الخاصة حيث قامت بعزل العميد وتعيين آخر بدلاً عنه. 

  وعلى ذلك الأساس يمكن لكم أن تقيسوا كيف صارت الأمور تسير في جامعة صنعاء، الجامعة (الأم) في اليمن (السعيد)!!.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص