الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
ما بعد المولد الشريف
الساعة 21:14
أحمد طارش خرصان

لا جديد في الذي حدث البتة ، ولن يكون بمقدور أحدنا اعتبار ذلك حالة عرضية وإستثنائية في مسيرة الحوثيين وممارساتهم ، ويكاد ما حدث في وراف يوم أمس الجمعة يؤكد بما لايدع مجالاً للشك ، أن الحوثيين عازمون على مواجهة الصلف الصهيو سعو امريكي بحزم وشدّةٍ ، والشروع في تنفيذ الخيارات الإستراتيجية وتحقيق الإنتصارات العظيمة .

لا تزال الرايات الخضر معلقة في الشوارع والمحلات التجارية ، ولا تزال اللافتات الخضراء المليئة بالآيات القرأنية والأحاديث النبوية ، تتصدر فضاءات الشوارع المكسوة بخطى الحوثيين وهتافاتهم ، وهم يقدمون النماذج الحية والصور القريبة من النهج القرأني والسلوك النبوي الشريف ، متشحين بالتسامح والزهد والصبر على أذى العامة والمخالفين ، في ظاهرة لا يمكنها إلّا أن تضع أمامنا هذه التجربة الفريدة بوصفها حالة تجديد وإصلاح ديني ، تمكنتْ أخيراً من الظفر ببلدٍ ، بات من السهل على أبنائه العبور إلى الآخرة بضغطة زنادٍ وافر الإيمان ، أو إصبع ديناميت عامرٍ بالتقوى ، قد لن نجد من الوقت ما يكفي لأن نمنح الحوثيين إمتناناً يليق بكل ما يجهدون أنفسهم - بتفانٍ وإخلاصٍ - لإتحافنا به.

لم تبرد بعدُ الألوان التي خطّ بها الحوثيون - على جداران المباني والأرصفة - شعارات الإحتفاء بالمولد النبوي الشريف ، والعبارات المؤكدة على عظمة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، والداعية إلى العودة إلى نهجه وسنته ، وبما يمكن المسلمين من إستعادة أدوارهم الريادية في قيادة الأمة ورفع راية الإسلام والعدالة والمساواة ، ولم يتبخر بعدُ صدى خطى المؤمنين وهم يجوبون شوارع المدينة ، حاملين على أكتافهم المشروع النبوي وعلى مقدمة رؤوسهم الخرق الخضراء ، وهي تسيل ورعاً وإيماناً ، لم تكن إب لتملكَ ما يمكنها من الإحساس بهذا الورع الخرافي والإيمان الأسطوري ، لتكون وراف مسرحاً مفتوحاً لمسرحيةٍ ، كنّا ندرك وبسأمٍ ومللٍ ليسا جديدين ، خطَّ سير هذه المسرحية المكرورة ، لنصل - ودون براعة - إلى النهاية المكتظة بالتفاصيل الموجعة .

لعل ما تعرض له بيت القادري ( آل القادري ) في وراف يوم الجمعة ٢٠١٥/١٢/٢٥م ، من قتلٍ وتفجير منازل وإعتداءات طالت الجميع دونما تمييز ، يشرح ما أُبْهمَ علينا من تفاصيل هذا المشروع القرأني العظيم ، ووبما يدفع هذا الجيل وأجيال قادمة لمحاربة التسلط الخارجي وتدخلاته السافرة في شؤون البلد وسياساته وقراراته .

في وراف كان المؤمنون - جداً - يخوضون حرباً مقدسة من طرفٍ واحدٍ ضدَّ وطنٍ ، لم يكن بيت القادري سوى عيّنةٍ بسيطة وصورة مختزلة ، لكل ما حدث في جغرافيا هذا البلد البائس وتضاريسة المتخمة بالموت والجثامين الملقاة هناك، حيث يمارس الحوثيون إذلال الآخرين والتلذذ بمشاهد الرعب في عيون الضحايا وتأوهاتهم المكبوتة .

لم يكن العزيز صلاح القادري - وآل القادري كافة - سوى جسر عبور - لرسائل الحوثيين لمعارضيهم أو المهادنين لهم ، مذكرين الجميع بالنهاية التي سيكون عليها حال منْ سيفكر بمواجهتهم والعواقب الوخيمة جراء ذلك التفكير .

لقد أوغل الحوثيون في إذلالنا جميعاً ، وبما يدفعنا إلى التسليم بالمواطنة المتساوية والعدالة الهشة للحوثيين ، وأننا لم نكد لنغادر ذلكم التوصيف العنصري المقيت ، في كوننا مواطنين درجة ثالثة ، نصلح - فقط - كضحايا ليس عليها أن ترفع عينها لترى قاتلها وهو يصوب بندقيته صوب حقها في الحياة ، وحلمها - الذي لاكه العته - بوطنٍ صالح لتداول المفاهيم والقيم السامية لا الموت والعنف والخراب .

أحمل من الشجاعة ما يدفعني لأن أعري الخطأ ، وامتدح الجيد من السلوك ، ولعل ما حدث إبان المواجهات بين أبناء الربادي والحوثيين ، وموقف الحوثيين وتعقل مشرفهم آنذاك ( أبو محمد ) الطاؤوس، ورضوخ الجميع لصوت المتطق والعقل وقبلهما الدين ، صوناً للدماء وحفظاً للأعراض والحرمات، ما جعلني أرفع قبعتي إجلالاً لمن شارك في إنهاء تلك المواجهات وفي مقدمتهم الحوثيين ومشرفهم آنذاك (الطاؤوس) وأبناء الربادي، ولجنة الوسطاء من المشائخ والوجاهات الإجتماعية ، غير أنني وإزاء ما تعرض له العزيز صلاح القادري وأسرته من همجيةٍ من قبل الحوثيين ، أنحاز كليةً وأقف إلى جانب الضحية ، مؤكداً على موقف مشرفهم الدكتور أحمد الشامي الجاف من الشعور بالمسؤولية ، والموقف الذي لم أكن أُحبّذ أن يقفه الشبخ عبدالواحد صلاح ، والذي قد يفقده إحترام المدينة وتقديرها لرجل ٍ، تشعر إب - بكاملها - أن مروءة ووجه الشيخ عبدالواحد صلاح لم تكن كافيةً لردع الهمجيات ، ولا لتهذيبها ما أمكن ، بقدر ما كانت تواطئاً غير معلنٍ مع كل ما حدث وسيحدث في قادم الأيام. 

لأ أبدي بعض التضامن تجاه ما تعرض له العزيز صلاح القادري وأسرته ، من إسراف وإمعان في الإذلال والإمتهان ، لا لأنه - وأسرته - لا يستحقون ذلك ، بل لأنه - وبحسب رأيي الشخصي - نال وسام شرفٍ ، ربما سيجد التأريخ الفرصة لتدوين ذلك بشرف ونزاهة وإنحياز للضحية....لا للجلاد.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص