الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أحمد طارش خرصان
ما بعد المولد الشريف
الساعة 21:14
أحمد طارش خرصان

لا جديد في الذي حدث البتة ، ولن يكون بمقدور أحدنا اعتبار ذلك حالة عرضية وإستثنائية في مسيرة الحوثيين وممارساتهم ، ويكاد ما حدث في وراف يوم أمس الجمعة يؤكد بما لايدع مجالاً للشك ، أن الحوثيين عازمون على مواجهة الصلف الصهيو سعو امريكي بحزم وشدّةٍ ، والشروع في تنفيذ الخيارات الإستراتيجية وتحقيق الإنتصارات العظيمة .

لا تزال الرايات الخضر معلقة في الشوارع والمحلات التجارية ، ولا تزال اللافتات الخضراء المليئة بالآيات القرأنية والأحاديث النبوية ، تتصدر فضاءات الشوارع المكسوة بخطى الحوثيين وهتافاتهم ، وهم يقدمون النماذج الحية والصور القريبة من النهج القرأني والسلوك النبوي الشريف ، متشحين بالتسامح والزهد والصبر على أذى العامة والمخالفين ، في ظاهرة لا يمكنها إلّا أن تضع أمامنا هذه التجربة الفريدة بوصفها حالة تجديد وإصلاح ديني ، تمكنتْ أخيراً من الظفر ببلدٍ ، بات من السهل على أبنائه العبور إلى الآخرة بضغطة زنادٍ وافر الإيمان ، أو إصبع ديناميت عامرٍ بالتقوى ، قد لن نجد من الوقت ما يكفي لأن نمنح الحوثيين إمتناناً يليق بكل ما يجهدون أنفسهم - بتفانٍ وإخلاصٍ - لإتحافنا به.

لم تبرد بعدُ الألوان التي خطّ بها الحوثيون - على جداران المباني والأرصفة - شعارات الإحتفاء بالمولد النبوي الشريف ، والعبارات المؤكدة على عظمة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، والداعية إلى العودة إلى نهجه وسنته ، وبما يمكن المسلمين من إستعادة أدوارهم الريادية في قيادة الأمة ورفع راية الإسلام والعدالة والمساواة ، ولم يتبخر بعدُ صدى خطى المؤمنين وهم يجوبون شوارع المدينة ، حاملين على أكتافهم المشروع النبوي وعلى مقدمة رؤوسهم الخرق الخضراء ، وهي تسيل ورعاً وإيماناً ، لم تكن إب لتملكَ ما يمكنها من الإحساس بهذا الورع الخرافي والإيمان الأسطوري ، لتكون وراف مسرحاً مفتوحاً لمسرحيةٍ ، كنّا ندرك وبسأمٍ ومللٍ ليسا جديدين ، خطَّ سير هذه المسرحية المكرورة ، لنصل - ودون براعة - إلى النهاية المكتظة بالتفاصيل الموجعة .

لعل ما تعرض له بيت القادري ( آل القادري ) في وراف يوم الجمعة ٢٠١٥/١٢/٢٥م ، من قتلٍ وتفجير منازل وإعتداءات طالت الجميع دونما تمييز ، يشرح ما أُبْهمَ علينا من تفاصيل هذا المشروع القرأني العظيم ، ووبما يدفع هذا الجيل وأجيال قادمة لمحاربة التسلط الخارجي وتدخلاته السافرة في شؤون البلد وسياساته وقراراته .

في وراف كان المؤمنون - جداً - يخوضون حرباً مقدسة من طرفٍ واحدٍ ضدَّ وطنٍ ، لم يكن بيت القادري سوى عيّنةٍ بسيطة وصورة مختزلة ، لكل ما حدث في جغرافيا هذا البلد البائس وتضاريسة المتخمة بالموت والجثامين الملقاة هناك، حيث يمارس الحوثيون إذلال الآخرين والتلذذ بمشاهد الرعب في عيون الضحايا وتأوهاتهم المكبوتة .

لم يكن العزيز صلاح القادري - وآل القادري كافة - سوى جسر عبور - لرسائل الحوثيين لمعارضيهم أو المهادنين لهم ، مذكرين الجميع بالنهاية التي سيكون عليها حال منْ سيفكر بمواجهتهم والعواقب الوخيمة جراء ذلك التفكير .

لقد أوغل الحوثيون في إذلالنا جميعاً ، وبما يدفعنا إلى التسليم بالمواطنة المتساوية والعدالة الهشة للحوثيين ، وأننا لم نكد لنغادر ذلكم التوصيف العنصري المقيت ، في كوننا مواطنين درجة ثالثة ، نصلح - فقط - كضحايا ليس عليها أن ترفع عينها لترى قاتلها وهو يصوب بندقيته صوب حقها في الحياة ، وحلمها - الذي لاكه العته - بوطنٍ صالح لتداول المفاهيم والقيم السامية لا الموت والعنف والخراب .

أحمل من الشجاعة ما يدفعني لأن أعري الخطأ ، وامتدح الجيد من السلوك ، ولعل ما حدث إبان المواجهات بين أبناء الربادي والحوثيين ، وموقف الحوثيين وتعقل مشرفهم آنذاك ( أبو محمد ) الطاؤوس، ورضوخ الجميع لصوت المتطق والعقل وقبلهما الدين ، صوناً للدماء وحفظاً للأعراض والحرمات، ما جعلني أرفع قبعتي إجلالاً لمن شارك في إنهاء تلك المواجهات وفي مقدمتهم الحوثيين ومشرفهم آنذاك (الطاؤوس) وأبناء الربادي، ولجنة الوسطاء من المشائخ والوجاهات الإجتماعية ، غير أنني وإزاء ما تعرض له العزيز صلاح القادري وأسرته من همجيةٍ من قبل الحوثيين ، أنحاز كليةً وأقف إلى جانب الضحية ، مؤكداً على موقف مشرفهم الدكتور أحمد الشامي الجاف من الشعور بالمسؤولية ، والموقف الذي لم أكن أُحبّذ أن يقفه الشبخ عبدالواحد صلاح ، والذي قد يفقده إحترام المدينة وتقديرها لرجل ٍ، تشعر إب - بكاملها - أن مروءة ووجه الشيخ عبدالواحد صلاح لم تكن كافيةً لردع الهمجيات ، ولا لتهذيبها ما أمكن ، بقدر ما كانت تواطئاً غير معلنٍ مع كل ما حدث وسيحدث في قادم الأيام. 

لأ أبدي بعض التضامن تجاه ما تعرض له العزيز صلاح القادري وأسرته ، من إسراف وإمعان في الإذلال والإمتهان ، لا لأنه - وأسرته - لا يستحقون ذلك ، بل لأنه - وبحسب رأيي الشخصي - نال وسام شرفٍ ، ربما سيجد التأريخ الفرصة لتدوين ذلك بشرف ونزاهة وإنحياز للضحية....لا للجلاد.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً