الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
د. عبد العزيز المقالح
عن واقع التعليم الآن
الساعة 19:05
د. عبد العزيز المقالح

كما هو طريق كل شعب إلى التطور والتغيير والتجديد فهو طريقنا أيضاً وبدون المستوى العالي والجاد من التعليم في كل مراحله من الأبتدائي إلى الجامعة فإننا سنبقى حيث كنا إن لم نتراجع عشرات السنين إلى الخلف. وفي مثل ظروفنا حيث لا صوت يعلو على صوت الحرب فقد صار من الصعب الحديث عن القضايا التي تهم الوطن حاضراً ومستقبلاً، وفي مقدمتها التعليم. ومن يتمعن فيما ينشر من كتابات وما يدور من مناقشات يجد أنها لا تمس من قريب أو بعيد قضايانا الكبرى ولا ينال التعليم في وضعه الراهن أدنى اهتمام بعد أن وصل في تدهوره وتدنيه إلى مرحلة تنذر بالخطر وتجعل من محاولة العبور إلى المستقبل أمراً مستحيلاً، وما يبعث على القلق أن بعض المهتمين بشؤون الوطن لا يدركون أن تصحيح وضع التعليم هو في الوقت نفسه تصحيح لكثير من المسارات كما هو في صميم مواجهة الحرب وأثارها .

بعض أشقائنا في الوطن العربي يشكون من سؤ حالة التعليم في بلادهم وواقعهم التعليمي مع أنهم لو أقمنا أبسط مقارنة أفضل بما لا يقاس، ورغم ذلك فإن أحدهم يشكو من أن حال التعليم تدهور لأن الفصل الواحد في مدارس بلاده يضم –حسب تعبيره- أربعين تلميذاً بدلاً من عشرين في حين أن الفصل الواحد في مدارسنا المترهلة يضم مائة تلميذ واحياناً أكثر، وهو يتحدث أيضاً عن غياب التأهيل للمعلمين وعن تدهور في أجورهم وهي الشكوى نفسها التي لم تتوقف في بلادنا منذ عقود. أما الحديث عن ضعف البنى التحتية للتعليم كما يراها ذلك الأخ العربي في بلاده فإنها في بلادنا ليست أضعف وإنما هي غير موجودة في الأساس وفي 90% من مدارسنا والريفية على وجه الخصوص حيث لا معامل ولا مختبرات و لا كمبيوترات ولا شيء يمت إلى التعليم الحديث مع زيادة عدد التلاميذ والطلاب ورغبة الملايين منهم في أن يتلقوا تعليماً يؤهلهم للدخول إلى القرن العشرين ثم القرن الواحد والعشرين .

إن وضع التعليم في بلادنا قبل الحرب هو وضعه مع الحرب وسيكون هو وضعه بعد الحرب إذا لم ينتبه القائمون بالأمر ويولون المسألة التعليمية ما تستحقه من اهتمام في كل الأحوال وتحت كل الظروف فإن الأيام قد تفاجئنا بجيل لا يقرأ ولا يكتب ولا علاقة له بالأرض التي تناقص مردودها ولم تعد بحاجة إلى مزيد من الفلاحين الأميّين الذين حافظوا عليها فيما مضى من الزمن، إنهم سيشكلون عبئاً على الاقتصاد وعبئاً على الأمن وسوف تتبدد طاقاتهم في غير صالح أنفسهم وفي غير صالح الوطن. إن زيادة المدارس في العاصمة والنظر في أوضاعها يبدو سهلاً وممكناً وقد يؤدي إلى بعض النتائج المفيدة في تدارك الانحدار المتواصل في أهم بنية أساسية للتغير والتطور لكن المشكلة ستكون هناك في آلاف المدارس الموجودة في الأرياف والتي لا يجوز أن تأخذ تسمية مدارس لا من حيث المبنى ولا من حيث المعنى.

أقول وأكرر القول أن التعليم في الوطن العربي من أقصاه إلى اقصاه يعاني من تدهور وانحدار لكنه في بلادنا يعاني من حالات أسوأ إنه يكاد يكون غير موجود حتى في شكله البائس المتعثر، لقد كان التعليم في السبعينيات من القرن الماضي –كما يقول الباحثون في مجال التعليم- أفضل منه في الثمانينيات والتسعينيات. وقد كان في هذين العقدين أفضل منه وأكثر إيجابية مما هو عليه الآن، وهذا ما يدعو إلى أن يسارع القائمون على المنظومة التعليمية إلى تدارك ما يمكن تداركه قبل فوات الأوان.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
1
2015/12/09
محسن محمد
جامعة صنعاء
من دون استرسال قل لنا ماذا صنعت بجامعة صنعاء خلال 15 سنةكنت فيها المسئول الاول عن هذا الصرح التعليمي؟
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص