الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
تقاسم الفشل
الساعة 22:06
أحمد طارش خرصان


تكاد حادثة اغتيال محافظ عدن اليوم ، تعصف بأمل الخلاص المرتبط بتواجد هادي كممثل للشرعية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية ، بما يمكن أن يكون اليد الطولى والذراع القوية لعودة الشرعية واستقرار اليمن - كما يعتقد الكثيرون - وكسر شوكة الإنقلابيين وحليفهمصالح .

ربما تدفعنا هذه الحادثة إلى قناعات ، لن تبتعد عن التسليم بهشاشة الوضع في عدن ومدن الجنوب كافةً ، وتُظهر بشكل جلي أن المقاومة الجنوبية لم تكن عند مستوى المهام الموكلة لها ، أكانت وطنيةً - على افتراض أن المقاومة الجنوبية مع الوحدة - أو وطنيةً خاصة - على افتراض أنها تسعى للإنفصال ، وتأسيس دولتها على جغرافيا ما قبل ٩٠م ، وربما نجحت الحادثة في تعرية الجميع شرعية ومقاومة وتحالف عربي ، فشل حتى اللحظة في تأمين عدن ، ناهيك عن تسليم أبين للقاعدة ، فيما حضرموت تكاد تتحول إلى إمارة إسلامية ، دون أن يلتفتَ لمَا يحدث فيها الجميع ، وكأن ما يحدث في حضرموت لا يمُتّ بصلةٍ لأيّ من أطراف الصراع الباحثين عن تواجدهم الشائك في هذا الواقع الموبوء والمتسخ .

تثبت المقاومة الجنوبية أنها أشبه بورطةٍ لن تتوقف عند هده الحادثة ، بل ستتجاوزها إلى ما هو أسوأ وكارثي ، متى أسرفتْ في ممارساتها وعبثية نظرتها لمَا يتوجبُ عليها فعله - ولو في حدوده الدنيا - إزاء الجنوب .

إنطلق الكثيرون - ومنهم أنا - عقب تحرير عدن من التحالف البغيض ( الحوثي - صالح ) ، لنكتبَ ما يشبه المعلقات في المقاومة الجنوبية ، وإستحقاقها في أن تكون نواة جيدة لجيش وطني جنوبي أو يمني - لا يهم - وبإستراتيجية لن تكون إلّا وطنيةً خاصة بعد تحرير الجنوب وإن كان لدول التحالف الدور البارز في التحرير ، بيد أن المقاومة الجنوبية لم تكن سوى ظاهرة إعلامية أكثر من كونها حقيقة ماثلة على الأرض ، لأسباب كثيرة تؤيدها وقائع كثيرة ، بدءاً بالهجوم على مقر إقامة الحكومة ، ونجاة بحاح وبقبة الوزراء ، وانتهاءاً بحادثة إغتيال محافظ عدن .

لقد دأبت المقاومة الجنوبية على الإستعراض وإدعاء التفوق ، ولم تكد لتنجح في شيء عدا إقامة النقاط العسكرية لمنع أبناء الشمال من الوصول إلى الجنوب ، ومنْح تصاريح الدخول - تحت ما يسمى بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية - للعربات والشاحنات والسيارات الخاصة بأبناء الشمال ، وبيقين من دان له الأمر ، ولم يعد أمامه سوى هذه المهمة الوطنية حماية لشعب الجنوب ، تاركاً عدن وأبين للقاعدة وتفريعاتها المختلفة ، دون أن تلتفتَ لما يدور في الداخل والذي سيلتهم الجميع إن لم تدرك المقاومة الجنوبية المأزق الذي وضعت نفسها فيه. 

قد لا يكون هادي وحكومته بحالٍ أحسن - وأيضاً التحالف -إذْ أن هذه الحادثة تشير إلى الوضعية الخاطئة لحال المدن المحررة من ( الحوثي - صالح ) ، والتفكك الحاصل في بنية المجتمع هناك والمنقسم إلى أكثر من فريق وجماعةٍ ، هي الآن من ترسم الوضعَ الذي يمكن أن تكون عليه عدن وبقية مدن الجنوب ، فيما تضع السعودية ودول التحالف القبيح ، أمام إشكالية المكابرة أو الإعتراف بالخيبة وعدم القدرة على الإمساك بخيوط اللعبة ، ودور هادي كرجل لم يعد ليستحق سوى التخلي عن الكرسي الذي أهان اليمن واليمنيين على السواء .

لعل من المفيد أن نذكر مقاومة مأرب ونجاحها حتى الآن في الإمساك بزمام الأمور ، رغم تعقيدات التركيبة السكانية والعقدية لأبناء مأرب ، وحدودها المفتوحة مع مناطق ، لازال التحالف ( الحوثي - صالح) متواجداً فيها وقوياً ، ولم يحدث أن انزلق الوضع في مأرب إلى ، الحد الذي يمكن أن نفقد فيه ثقتنا بالمقاومة وضرورتها لمواجهة صلف الحوثيبن وصالح ومحاولاتهما لإنتاج وضع جديد وفق مقاساتهما ومقاييسهما القذرة والرثة. 

الحديث عن دور صالح وما يسمى بقاعدة صالح ، لا يستدعي سوى الإشفاق على من يقولون بذلك المنطق ، والذي - وإن سلمنا بذلك - لن يمنحنا سوى المزيد من المَقْت والإستهجان لهذا المنطق العاجز وغير المسؤول ، إذْ لا يمكن لعاقل القبول بهذا المنطق وإعتباره مبرراً كافياً لتنصل هادي وحكومته وتحالف القبح إزاء ذلك .
ندرك أن مانحن فيه ، لم يكن سوى ثمرة صالح ونتاج قبحه المتنقل عبر الأجيال ، لكن ما الذي فعلناه لوأد هذا القبح وإجتثاث هذه الأوبئة المستشرية في الجسد اليمني ، وكل ما أجدنا لم يتجاوز إتهام صالح وتحميله كامل المسؤولية. 
ختاماً
لا يبدو أن ثمة أمل في القادم
إذْ ربما سنكون على موعد ومع كل ما هو أسوأ..

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص