الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
البخيتي في حضرة الجنرال
الساعة 01:16
أحمد طارش خرصان

يتعمد علي البخيتي الظهور والتواجد بوصفه شخصيةً جدليةً ، استطاعتْ في فترة وجيزة أن تحقق انتصارات ومكاسب ذاتية ، لم تنجح أي شخصية بعمر البخيتي من تحقيقها ، ولعل علي البخيتي وهوَ يمارس تواجده الشائك يدرك تبعات ما يقوم به ويمارسه ، وتكاد سيرة البخيتي تكتظ بكم هائلٍ من المفارقات والمتناقضات في الموقف والسلوك ، أكسبه القبول تارةً والرفض والإستهجان - إن لم نقل الحقد - تارةً أخرى .

يتنقل علي البخيتي بين العواصم العربية كمندوبٍ سامٍ لجهة لا نعلمها حتى الآن ، لكنها لن تبتعد عن كونها الجهة المحركة لكل ما يدور - بحسب رأيي الشخصي - داعياً في مفتتح جولته هذه إلى تبني قيم المحبة والتسامح والقبول بالآخر ، وضرورة أن تتجسد قيم الشراكة الوطنية في إدارة البلد ، وبما لا يقصي أيّ مكون سياسي ، متجنباً الخوض في الذي كان وحجم الخراب الذي حلّ بالبلد ، والأرواح التي سقطت دون أن تعرف وترى القاتل وهو يصوب أداة موته باتجاهها. 

يسرد علي البخيتي ما حدث له من إستقبال الجنرال ( الفاسد ) علي محسن - حد قول البخيتي - وكأننا أمام مشهدٍ درامي لعودة الإبن الضال والتي تصاحبها موسيقى تصويرية حزينة ، لا زلت أتذكر دموع سيدةٍ مسنة وهي تتساقط بعفوية صادقة ، كلما رأتْ مشهداً حزيناً ووداعاً عارضاً وأليما. 

يفتتح علي البخيتي سرديتة المتحاذقة بكل مواقفه السابقة من الجنرال العجوز ، وإنجازاته وفتوحاته في ذلك ، دون أن ينسى مروره بجانب سور الفرقة حاملاً رأسه على يده ، ليشنَ عليه أقوى هجوم ويطلق عليه ما يشاء من النعوت ، ويمضي لحال سبيله دون أن يعترضه أحد بما في ذلك الجنرال العجوز علي محسن المستهدف من تحركات البخيتي وقذائفه الماحقة. 

تنتابني حالة من الفزع  - كما هي حال اليمنيين - إزاء كل ما يحدث والمآلات الممكنة التي يمكن أن يسلكها البلد ، رفقة كل هذه التناقضات والمفارقات ، وحالة الغموض المصاحبة لكل ما يعتمل في الساحة اليمنية. 

لم يذكر البخيتي ما الذي تغير في مواقفه وهجومه السابق على الجنرال علي محسن ، وهل كانت الزيارة  كافية لأن يُظهر الجنرال ( العدو ) ، بما يجعل علي محسن ( الفار) هو الشخصية المخلصة ، والقادرة على مواجهة الحوثيين وكسر شوكتهم ، إذْ بدا البخيتي من خلال ما كتبه عن لقائه بعلي محسن ، أكثر حرصاً على إيصال رسالته والتي تكان تنحصر في ضرورة أن يسندَ لعلي محسن دوراً تنفيذياً لتحقيق ما عجز عنه هادي ، وبطريقة يمكن أن يفسرها البعض على أنها محاولة من البخيتي لدعم جبهة الحوثيين ، واستعادتها لزخمها المناهض لعلي محسن  ، إذْ أن عودة علي محسن كرجلٍ وقائدٍ مخلصٍ ، لن يكون قادراً على محو الصورة السيئة لعلي محسن من الذهنية اليمنية في الشمال والوسط والجنوب ، والذي قد يرفد جبهة الحوثيين ويبعث فيها النشاط والحياة ، خاصةً وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة ، إعتماداً على كل ما يحدث على الأرض. 

لا تستطيع وأنت تقرأ سردية البخيتي عن هذا اللقاء ، أن تتجاوز محاذيرك وشكوكك من أن هناك ، ما يسعى الجميع للإعداد له ، وبما يشكل خارطة طريق مستقبلية ، لم تتبين خيوطها وخطوطها العريضة ، غير أن مقال البخيتي حول زيارته لعلي محسن ، تخطى مشاعر الود والإمتنان - بين البخيتي وعلي محسن - إلى محاولة الزج بعلي محسن مرة أخرى في معركة خاسرة ، سيكون الحوثيون هم المستفيد الأكبر من ذلك ، لو تم فعلاً إعادة علي محسن إلى واجهة الأحداث من جديد ، ولعل حديث علي البخيتي عن الجنرال بتلك الحميمية ، وتصوير حجم المعاناة التي يتحملها علي محسن جراء تصرفات هادي وحيَل إبنه جلال ، متجاهلاً كل ما حدث ، والقحط الذي داهم الجنرال في قوته وتواجده وسلطاته ، والتي أفضت في النهاية لأن يطلق عليه البخيتي في كثير من لقاءاته وكتاباته ( الجنرال الفار ).

لا ضغائن تجاه ما قام به البخيتي ولا تجاه  الجنرال علي محسن ، لكن سردية البخيتي عن الجنرال وقصره الفاره وبوابته المفتوحة ، قياساً على بقية القصور - في مجمع القصور - المغلقة في وجه الزوار ،أشعرتني بحجم الخسارة التي لحقتْ البخيتي ، إذْ كان يعتقد  - ربما- أن الجميع سيكون في إستقباله ، وأنه لن يجهد كثيراً في التنقل بين مقار إقامة المسؤولين اليمنيين المقيمين في الرياض .

يذكر البخيتي أن علي محسن رجل براجماتي ، لكنه سياسي وداهية ، يملك القدرة على تكوين تحالف قوي قادر على الحسم ، في رسالة للسعودية التي لا أعتقد أنها بعيدة عن كل ما يحدث ، غير أن الملفت في سردية البخيتي تجنبه الخوض في سياسة السعودية ورؤيتها لمجريات الأحداث ، كتكتيك  - ربما - أدخره البخيتي لسرديات قادمة. 
يمكن أن تكون على النقيض تماماً من هذه السردية المتجاوزة لهدفها .

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص