الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
د/عبدالله أبو الغيث
لن تنتهي حرب اليمن مالم نفضح ونوقف تجارها
الساعة 17:56
د/عبدالله أبو الغيث


   لكل حرب تشتعل تجاراً يستفيدون منها، وتنشأ لهم مكاسب من استمرارها، ما يجعلهم يقفون حجر عثرة أمام أي جهود تهدف لإيقافها، ويبذلون قصارى جهدهم للنفخ في نارها لتزداد اشتعالاً واتقاداً طالما وذلك يضيف لخزائنهم مزيداً من المكاسب؛ حتى إن كان ثمن ذلك انهاراً من الدماء تسيل من غيرهم، وأكوام من الخراب تنتشر بسبب جشعهم وطمعهم.

   وليست الحرب التي تشتعل في اليمن بمحاورها الخارجية والداخلية ببعيدة عن ذلك. وسنحاول من خلال هذه المقالة أن نشير إلى أهم الأطراف المتاجرة بحرب اليمن والمستفيدة من استمرارها، وبالتالي فهي ستقف مجتمعة أو منفردة لمنع إيقاف هذه الحرب الملعونة، ولن تعدم الحجج التي تسوقها لذلك، سواء تلفعت بالوطنية أو الدين أو مكافحة الإرهاب...إلى آخر التبريرات التي يدركها الجميع.

   ولعل أول التجار المستفيدين من حرب اليمن هي الشركات العالمية لتصنيع الأسلحة التي تنتشر في الدول الكبرى، وعلى رأسها أمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا، فهذه الحرب قد فتحت أمامها صفقات بمئات المليارات من الدولارات، خصوصاً من جيوش الدول الخليجية التي تأتي دولها في مقدمة التحالف العربي الذي يخوض الحرب في اليمن. إلى جانب ما تمثله هذه الحرب من فرص ثمينة للدول الكبرى لإعادة تقسيم كعكة النفوذ فيما بينها في منطقة الشرق الأوسط بما فيها اليمن.

   وصفقات السلاح المهولة التي أبرمتها الدول الخليجية أو تسعى لإبرامها بحجة تغطية احتياجات هذه الحرب ستوصلنا إلى المستفيد الخارجي الثاني من استمرار هذه الحرب، ويتمثل ذلك بسماسرة صفقات الأسلحة من كبار المسؤولين الخليجيين الذين يجنون مليارات كبيرة من الدولارات كعمولات يحصلون عليها، وكلما طالت الحرب كلما تعددت صفقات الأسلحة وكلما زادت العمولات، ويمكن أن نعرف حجم هذه العمولات بالعودة إلى فضائح سابقة تم كشفها من خلال صفقات اسلحة تقل كثيراً عما يتم إبرامه حالياً باسم حرب اليمن.

   أما المستفيد الخارجي الثالث من استمرار حرب اليمن فهي الدولة الإيرانية التي تسعى لأن تقدم نفسها كقوة إقليمية كبرى، وتحاول أن تستغل الصراعات المذهبية والخلافات السياسية في المنطقة العربية لتفرض هيمنتها على شعوبها، وهي تعمل بقدر ما تستطيع على ترجيح كفة حلفائها في اليمن لتستطيع بذلك الحصول على تنازلات من الأطراف الإقليمية والدولية في ملفات ساخنة أخرى، أبرزها الملفات السورية واللبنانية والعراقية، مقابل ما سيبدو وكأنها تنازلات تقدمها لتلك الأطراف في الملف اليمني.

   وبخصوص الداخل اليمني فحلف صالح والحوثي يأتي في مقدمة المستفيدين من استمرار تلك الحرب، فذلك يمكنهم من الضغط على المجتمع الدولي والإقليمي من أجل إلغاء العقوبات التي فرضها على كبار قادتهم، مع الضغط لفرض تسوية يكونون لاعباً رئيسياً فيها. إلى جانب المصالح غير المشروعة التي ترتبت لأنصارهم جراء هيمنهم المطلقة على مؤسسات الدولة في عاصمة الدولة والعديد من محافظاتها ومناطقها، وهم يدركون بأن إيقاف تلك الحرب سيعني توقف تلك المصالح، ما يجعلهم يضغطون في اتجاه رفض المفاوضات، خصوصاً ومعظم الضحايا يأتون من عامة أتباعهم، الذين يخرجون للقتال في صفوفهم رغبة أو رهبة.

   ومثلهم وسطاء المقاومة الشعبية الموالية للتحالف العربي، فلا تخفى استفادتهم من صفقات السلاح والأموال التي تأتي لدعم المقاومة عن طريقهم ولم يعد من مصلحتهم أن تتوقف هذه الحرب، خصوصاً ونحن نرى قادة الأحزاب والقوى السياسية المؤيدة للتحالف العربي وقد تسابقوا على فنادق العواصم الخليجية والإقليمية الفارهة، بينما تركوا عامة أتباعهم في اليمن يواجهون حروب حلف الحوثي وصالح واعتقالاته وضغوطاته تجاههم، ولسان حال تلك القيادات يتماهى مع قيادات حلف الحوثي وصالح بقولهم (ما همنا ما همنا فالضحية مِن غيرنا)!!

   ولا يبدو قادة الحراك الجنوبي بعيدين عن المتاجرة بحرب اليمن، لاعتقادهم أن تأخير حسم هذه الحرب سيمكنهم من تجاوز خلافاتهم المزمنة، وبالتالي فرضهم للأجندات التي ينادون بها بخصوص ما يرونه من حلول للقضية الجنوبية.

   أما مشائخ القبائل ووجهائها من (أبو شريحتين) فالحروب هي شغلتهم التي يتعيشون من ورائها، خصوصاً وهم في هذه الحرب – كما سابقاتها – قد جهزوا أنفسهم للعب على كل الحبال، سواء بطريقة اللف والدوران، أو بتبادل الأدوار فيما بينهم، فهذا الشيخ مع الحوثي وصالح بينما أخوه أو ابنه تم تسفيره إلى الرياض للالتحاق بالتحالف المعادي لهما.. والحسابة بتحسب في الاتجاهين.

   ويمكن أن نختم المقال بالإشارة إلى طبقة طفيلية من المهربين وتجار السوق السوداء، حيث أدت هذه الحرب إلى رواج بضاعتهم، وجعلتهم ينامون على مكاسب خيالية يكدسونها مما يمتصونه من دماء الشعب المسحوق والمغلوب على أمره، ولذلك فالسلام هو عدوهم اللدود.

   لذلك فمهمة المواطنين الشرفاء من أبناء اليمن وممن يتعاطف معهم عربياً ودولياً بكل تكويناتهم السياسية والمهنية والجغرافية والمذهبية والدينية إنما تتمثل بفضح تجار حرب اليمن كمقدمة لوقف عبثهم، وبدون ذلك لا أمل يبدو في الأفق لإيقاف هذه الحرب. علماً بأن هؤلاء ليسوا وحدهم من يتاجرون بحرب اليمن فهناك الكثير غيرهم يعرفهم الجميع، لكننا فضلنا أن نشير إلى أهمهم من وجهة نظرنا.. والله من وراء القصد.

 

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص