- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
هي مدينة للمحبة والتعايش والخير .. فتقريبا كل مدن الوطن حاضرة فيها في مشاريع ربح سريع ونهضة. كونها مدينة سياحية ونقطة وصل بين شمال الوطن وجنوبه..
لم تكد تتعافى من أوجاع ثمانينيات القرن الماضي الذي تذكره جيدا ، فكل قرية وبيت وأسرة مازالت تبكي قتيلها أو تبحث بيأس عن مخفيها الذي يعد.. ولم يودعوه عابرا للرحيل القسري..
في الثمانينيات قتلتنا الجبهة القومية والحكومة على حدٍ سواء ، إلى حد تصنيف الناس على السكوت..
ووصل جرمهم وعهرهم إلى حرق النساء الحوامل والناس تذكر والمكان يشهد..
واليوم تعود الذكرى المؤلمة بخصوم جدد، وموت جديد، وخوف كامن خلف النوايا..
نفس الأماكن ، وذاتها المواقع التي صدّرت الموت القديم تستعد للموت الجديد.
جبال العود ، جبال عمار ، سوق الليل، هذه نقاط المواجهة والتماس للمقاومة من ابناء المنطقة، مع عاهات الموت القادمة من الأدغال تمدهم أحلام الخاسرون بالعودة..
وظهر المدينة المتمثل بمنطقة الذكرى القديمة منطقة الحبيشية وعلى وجه التحديد قرية الحقب يرتعد وهو يسمع للعلعات المدافع ، وضوضاء الكاتيوشا ، ولغط دبابات الموت المهداة لنا من خليج الإخاء الواهي.
هنا دمت هنا دمت الحبيبة لكنها ترتجف والخوف أشد وطأة من الموت ذاته..
خوف كامن في جنبات مدينتي الحية التي تموت ألف مرة وهي تخسر أحد كياناتها الحية المتمثل بشبابها الرائع الذي تعدى خصام آبائه وتخرج من كليات علمية راقية كالهندسة والطب والفيزياء الذرية وأقول ذرية لأن لدى دمت ثلاثة طلاب فيزياء ذرية درسوا في لندن وكولالمبور والقاهرة من مجموع ستة طلاب على مستوى اليمن ابعتثوا لذات التخصص...
شباب دمت وصلوا لنوادي رياضية وكيانات ثقافية ورأس مال مساهم في نهضة وطنه ، وتحسين سبل ترفيهه. هم الذي نجحوا مرتين مرة في الوصول العلمي والنتاجي المتخصص، والثانية وهي الأصعب والأجدر أن تعدوا خصام الآباء ولعنة الثار ودفنوا نتاج الأباء الأحمر المر وهم باسمين متعاضدين. والأمثلة كثيرة وجديرة بالتدوين وسيكون..
أعود...
جبل المصنعة تستحضر صخوره الناتئة كم هي الدماء التي سكبت في جذورها اللعينة ولم تكبر ولم تخضر حسب تعبير الصديق الروائي أحمد الأسعدي، جبال صَنَع والعود والقفلة وحيود الحبيشية وتضاريس كُهال الشاهقة كقامة الشهيد الرفيق جار الله عمر رحمه الله كان مقدمة المواجهة أنذاك.. كل تلك الجغرافيا الحزينة المهملة إلى يومنا مازالت تستحضر وهي عاضة شفاهها بالندم والفقد لرجالها الذي قضوا في حين غفلة وعبث وتنظير جيفاري مهووس وحقد مناطقي حكومي خبيث، كان مد الحرب للطرف الحكومي لا يوجد فيه من ابناء المنطقة إلا الشواذ وهذا للحقيقة التاريخية ليس إلا ، وأما رأيي فكلهم جنوا الموت والرعب والعبث ..
خلال ست سنوات مضت وأنا استقصي وأوثق من هم جنود الحكومة الرخوة آنذاك ومن كان يقاتل القوميين الموعودين بجيفارا من المناطق الوسطى، فقد عب الرفاق من تنظير النجمة الحمراء والنضال البوليفي ما جعلهم يدوسوا على أواصرهم الاجتماعية وأرحامهم القريبة..
في استقصاء لجند الحكومة والحاكم القاتل البئيس منذ مقدمه في نهاية السبعينيات فكانت كما هي اليوم تماما، استمالت الموت المناطقي والمذهبي ويفرِق فقط عنه اليوم حشد الفتنة السلالية القادمة من النسل المحمدي..
قابلت ممن قاتلوا في مواجهة المد القومي من مناطق حاشد وذمار وبني عمر واقترابا لمناطق يريم المحاذية لجبال كهال وعُجيب إلى القفر .
وكان الملفت لي أن من قاتل فَقَتل وعاد حاملا قتلى معه هم في سن ميليشيا اليوم تماما لم يبلغ العشرين إلا ما ندر..
نساء وأمهات في مناطق دمت كلها تستحضر مخاض أطفالها بعلامات الكهوف التي فروا إليها وكانت مسكنهم لشهور..
فمن لم يمت بالنار والملاحقة والقتل بحسب التصنيف مات وهو يرعى اغنامه.. كما حصل مع راع محب وهاوٍ لأغنامه احترق مع شجرة كان بجوارها يستظل ويعزف لأغنامه بشبابة النأي بينما سقطت قذيفة هاون فوق الشجرة التي كانت محمله بزرع مجفف، ومازلتُ أحتفظ بنأيه النحاسي ليومي هذا وأسمع عزفه الحزن رغم أني لم أكن قد ولدت في تلك الأحداث.
سجون المتقاتلين وحدها تعلم وحشية العذاب للمخطوفين الذي لم ينجوا منهم فردا واحدا وأجزم بما أقول. لأن الموت كان رخيصا حد أن تستضيف رجلا فتكرمه مأكلا ومسكنا ثم في يوم ضيافته الثالث يضع بندقيته لرد الواجب في جانب رأسك الأيمن ويفجره بست طلقات لبندقية متوسطة نوع ( شيكي) وأنت تتناول معه قات الوداع وحولك بناتك الخمس وزوجتك المضيافة..
لم يرحم المتخاصمون دمت ولا عطاءها ولا دفء حماماتها الطبيعية البركانية ، بل قتلوا كل شيء فيها عدا الخوف والثار .. حتى هرب ابناؤها إلى دول الخليج وأمريكا والحبشة والسودان. وفارقوا وسجنت أمهاتهم وزوجاتهم. وتفرق جمع بنوها ولكن بحكمة وفضل كان ذلك الهروب من الموت بابا واسعا للحياة والرزق والثراء.. فدمت منذ ودعت سني الموت تلك وعلى مدى عقدين وبضع سنوات سجلت أعلى تقدم ونماء اقتصادي فردي بين مديريات الوطن..
واليوم يخيم شبح الخوف والموت من جبال الأمس ذاتها وطرف من أطراف الموت والقتل هو هو ذاته ، مع رفد طرفه بمد طائفي سلالي لعين .. وما يجعل خوفي قائما هو وجود وجوه موت قديمة ومتقاتلين قديمين أيضا وهم للأسف من أبناء المنطقة الذين كان قد تعداهم أبنائهم ونسوا الإرث الأسود للآباء..
هذه الوجوه تبيع وتشتري بالموت والقتل لا تكترث، ففي الموت السابق كانت في اليسار وبقيت مع عهرها وقذارة فعالها، واليوم يدهشك بحرباويته الطافحة للتحول اللاهث وراء المال والصوت فقد صار وياللعنة من أصحاب اليمين القاتل لأجل العودة وفتى الكهف البائس...
هذه الأجنحة القديمة المتمثلة إما بأفراد أو فكر أو أسر هي مبعث خوف اليوم ووجعه لأنها وإن كانت في صف المقاومة لازالت ترى وتقاتل بالتالي لمكانتها القديمة أو ثارها أو تنظيرها الميت..
ولهذا حُشرت قرية كقرية ( الأحرم ) البائسة في خندق الموت والتفريق لصف المدينة وصارت ثغرة للوباء المتحالف ( الحوثي - صالح) ونزعت من رحم مدينتها وكنف إخوانها .. ولي زملاء دراسة وعمل من هذه القرية ولهم من النبل ما كان سيحميهم من التعصب الإسري الكاذب الذي يراد به مبغى آخر ..
المهم دمت اليوم تُحشر خوفا وحراكا مقدمتها تواجه بالرصاص والموت وظهرها يلعلع بالأصوات ( الشجية ) حد تعبير صديق الثانوية المبتكر صالح الحقب..
مقاومتها تحشد وتباهي بمعسكراتها ومدها الإيدلوجي المهيمن، والخصم يتباهى بأطفاله الخبراء بحروب الجبال وعصابات الكهوف ويردون أيضا بلعلعات الدبابات والكاتيوشا التي هي سلاح دولة كانت قاتلة ومازالت..
وكم أحزنني وآلمني اليوم صباحا عندما عرفت أن الفاتحين لدورة الموت هذه من الطرفين هم جماعات الله وجهال النبي، فالتقليديين الأغبياء ( السلفيين) و ( جهال كهوف مرّان والسلاليين ) هم من خرقوا اتفاق قبلي سابق منذ شهرين وقعه أبناء المنطقة لعصمة الدماء وحفظ الأرواح والمدينة تسع أبناءها ويُخرج مسلحوا الميليشيا القادمون من الشمال وشمال الشمال ولا مكان لهم ، فانسحب مسلحوا الميليشيا من دمت إلى مدينة الرضمة التابعة إداريا لمحافظة إب .. ثم عاودوا التقدم خلال الأسبوع الفائت بحماية اليساري السابق المتحول الحالي البائس أحد وجوه الموت القديمة ليتمترسوا على مدخل المدينة الشمالي ، مما شجع عشاق الجنة والحور العين ليفتحوا بابا لهجران حور الدنيا في أكثر من بيت محتمل سيرحل عنه أب وأخ وزوج وطفل ..
وكان الأمر أقل رعبا وخشية لو أن من فتح باب المواجهة هو الجيش المقاوم القريب جدا من مدخل المدينة الشمالي والشرقي الذي لا يبعد كيلو واحد عن مواقع الميليشيا .. والآن تم حشره دون إرادة ولا تخطيط مسبق في مواجهة قتلة مرسوا الجبال وخبروها واعتادوا العصابات التي لا يزيد عددها عن سبعة قتلة ..
وبكل براءة اقول والخبر عندي أن المقاومون المتعطشون ( لذبح الروافض ) حد خطابهم البليد الذي يستمد قوته من الذخر الطائفي الديني الخاسر مقدما أمام إرادة الحياة قد تمترسوا في جبل النزهة وجبال المصنعة الشاهقة وقتلة الميليشيا يواجهون من جبال الرضمة ..
وعليه فإن جند المقاومة وسلاحها لم يأخذ عدته في جبال التماس بل يواجه من معسكرات التدريب التابعة له في أطراف المدينة ، ولن يستطيع أن يعتلي جبال شاهقة بمعدات ثقيلة ويبقى المتاح له هو الضرب العشوائي غير المهدف..
وأنا هنا لا أعول ولا أهتم لتقدم أو تأخر ، أو لقوة وضعف أحدا من عشاق الدماء والموت..
فالموت موت.. ودمت ومناطقها ذاقت الموت طويلا حوالي عقدين حرب ودم وقدر أحمر بئيس..
وفقط يهمني حياة الناس وتقتلني دمعة العجائز والذكرى الموجعة تخيم الآن في المخيلة ، أحشر وأنا أسأل عن زملاء العلم والتميز والنبوغ وهو قد استهلكوا في واحد من خنادق الموت ، وأحس بطعنات في أقصى قلبي وأنا أرى وجوه الموت الشائهة القديمة الجديدة تسرح وتمرح وخلفها من وقود الفتنة أطفال ومغررون كثر، وترمي في مناطق زياراتها من أجل الحشد ملايين بين أقدام مشائخ وواجهات اجتماعية مت أجل رفد الموت والنار بعدة ووقود..
أنني في كلامي هذا لا يعني انتقاص من روحي المقاومة وقلبي النابض بحبها وتحرير كل الوطن من كل العاهات، لكني مع دمت أكثر مما أنا مع الهوجاء والقتلة من الطرفين.. أنني أعرض من ذاكرة المدينة الموجوعة بعضا من الألم، والتذكير لسدنة الموت والرعب الذي أعي أنهم لم ولن يتروعوا وينتبهوا .. وإنما ندائي هذا للضمير والأنسان الذي انتعش ونما في قلوب وأرواح كثير من أبناء المدينة ، سياسيين ووجهاء ومستنيرين وعقلاء..
أدعوهم بصوت الضمير والإنسان والمحبة :
- عودوا لرفع صوتكم الجامع للسلم والإخاع والعهد وعصم الدماء، نجحتم قبل شهرين وأثق أنكم ستنجحون اليوم وغدا مازال مسعاكم نبيل وسامٍ.
العقلاء في كل الأطراف الناس تنتظر أصواتكم الأعلى من آليات الموت ، فاصرخوا لاقزام الفتنة أيا كانوا روافضا ونواصبا..
سيروا ودعوات الخائفات ترافقكم ، وكركرات الأطفال تحميكم ، وغدا ستحيون أرواحا وتزرعون مشرط طبيب ماهر ، وتخطيط مهندس باني، ومغزل ناشطة ناسجة للغد والحلم..
سيروا بالسلم فقد جفت عيون مدينتي الباكية أبدا وما صدّقت أنها ستبتسم ولو ساعة من نهار..
ليت خطواتي قريبة منكم فأكن لكم رفدا ولجهودكم ذخرا ولصوتكم شدوا ..
ليت المقام هنا يسعكم ويتسع لمقامكم فأناديكم فردا فردا وإسما إسما ...
لكني أعيّ نبلكم ودماثة خلقكم التي لا تريد من مدينتكم حتى ذكر اسمائكم..
أزيحوا قدر اللئام الأسود وهدايا الرصاص الأحمر بمدكم وجهدكم الأبيض النير ..
والسلام خير ختام..
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر