الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
وليد العليمي
تعزمدينة الصمود
الساعة 17:52
وليد العليمي

(كن عزيزا ً وإياك أن تنحني مهما كان الأمر،فربما لاتأتيك الفرصة كى ترفع رأسك مرة أخرى) عمرالمختار ، مدينة تعز ، مدينة يمنية  تبعد عن العاصمة اليمنية صنعاء بحوالي مائتين وخمسين كيلومتر ، وتعد العاصمة الثقافية لليمن ، ولقد لعبت هذه المدينة أدوارا ً هامة في تاريخ اليمن السياسي والثقافي ، فلقد كانت عاصمة سياسية ،لعدة دويلات حكمت اليمن ، منها الدولة الصليحية ، والرسولية ، والطاهرية ، ويوجد في المدينة عدد كبير من الأثار الثقافية ، منها القلاع الأثرية ، مثل قلعة القاهرة التي شيدها السلطان عبدالله بن محمد الصليحي في النصف الأول من القرن السادس الهجري ، ومن الأثار الثقافية في المدينة ، جامع الجند الذي شيده الصحابي الجليل معاذ بن جبل عام ستة هجرية وقيل عام تسعة هجرية بأمر من النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، كما توجد في المدينة عدد من المدارس الأثرية ، كالمدرسة الأشرفية ، والمدرسةالمظفرية . 

مدينة تعز ،كانت ومازالت ترفد اليمن بالعقول المفكرة والمستنيرة التي تقودعجلة التغيير في اليمن منذ زمنا ً بعيدا ً ، فهي قلعة العلم والثقافة ، ومنها إنطلقت الشرارة الأولى لثورة 26سبتمبر عام 1962م ، ولثورة 11فبراير عام 2011م ، ومن هذه المدينة العظيمة ، برزت الطلائع الأولى للحركة الناصرية ، والحركة الإسلامية ، والبعثية ، في اليمن ، تعز مدينة الثقافة والجمال ، فكما منحت اليمن سياسيين غيروا مجرى التاريخ اليمني ، منحت اليمن أيضا ً مثقفين وشعراء وفقهاء وفنانين كان لهم دورا ً بارزا ً في تكوين النهضة الثقافية في اليمن .

هذه المدينة الحالمة التي تعتبر حجر الأساس في نهضة دولة اليمن الثقافية والسياسية والإقتصادية ، تتعرض هذه الأيام لهجمة بربرية مناطقية طائفية  شرسة من قبل مليشيات عفاش وجماعة الحوثي  ، التي تسبح عكس تيار التاريخ ، وتسير وفق أجندات مصلحية ذاتية حاقدة ، تعز تدفع اليوم ثمن سعيها الحثيث نحو التغيير ، ومحاولاتها المستمرة لإخراج اليمن من مستقنع الجهل والتخلف والطائفية والمناطقية ، تعز تدفع اليوم ثمن تضحياتها من أجل مستقبل أجمل ووطن يحكمه القانون ، تصان فيه حرية الفرد وحرية المجتمع ، لا وطن تحكمه أسرة أو طائفة أو قبيلة .

 تعز تدفع ثمن ، قولها "لا " لفساد علي عبد الله صالح ونظامه ،  عندماحاولت إقصائه أواخرسبعينات القرن الماضي ،وعندما عارضته طوال سنوات حكمه العجاف، وعندما خرجت ضد ظلمه في 11فبراير عام 2011م عن بكرة أبيها،تعز أرادت دوما ً رئيس من أجل اليمن ، لا يمن من أجل الرئيس ، تعز ناضلت من أجل وطن خالي من الفساد ، ومن المحسوبية ،ومن الواسطة ، تعز ناضلت من أجل وطن يحكمه القانون ، لا وطن يحكمه "الرئيس "  "والقبيلة " و "المخابرات" و"مراكز القوي" ، إن المخلوع على عبدالله صالح الأن على وشك الرحيل ،وسقوطه المرتقب أصبح قاب قوسين أوأدنى ، ولاكنه قبل أن يرحل يريد أن يحرق تعز أولا ً ، فلقد كانت دائما  ً بالنسبة إليه رقما ً صعبا ً ، ولطالما أرقت مضجعه ، والتاجر المفلس دائما ً يبحث في دفاتره القديمة .  

سيرحل علي عبدالله صالح وأقنعته التي صنعها  ،وستبقى تعز ، حرة ، أبية ، ولن تركع للطغاة ،ولن تنافق الظالمين ، وستقف في صف من يقف في صف الوطن ، وستخرج عن بكرة أبيها دفاعا ً عنه وعن الحق ، ولاكنها ستظل رقما ً صعبا ً أمام كل فاسد وتاجر حروب ، باع روحه وعقله للشيطان.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً