الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
توارث القبح
الساعة 00:25
أحمد طارش خرصان


أضحت البلد ممراً مُعبَّداً لكل المساوئ ، وبحراً ممتداً من الأوجاع الراكدة والآهات المشرئبة والتواقة إلى لحظة خلاص منتظرة ، ربما لا تجد مايصلح رثاءاً مستحقا لما نحن فيه ، ولا تجد - وأنت تقاوم الشعور المحبط - ما تتجاوز به قلق الأسئلة والمكائد الموجهة ، وربما لم يعد كافياً إلقاء الشتائم في وجه السوء وإلصاق النعوت السيئة بأناسٍ ، كل ما فعلوه وأجادوه أنْ كانوا حواضن عامرة بالقبح ، وعناوين صالحة للعصبوية والجهل والتخلف. 

البارحة كانت إب تحاصر أوجاعها وأحزانها، وتتمايل بفرح استثنائي مع فرقة ( نيو موف) ، وحضور أكثر من أنيق لألمع نجوم الدراما اليمنية ، ولقد كانت إب - وهي تعلي من شأن القيم ( المحبة - السلام - التسامح ) التي هدف المهرجان إلى تأصيلها لدى الجميع - أكثر سعادة بنجاح المهرجان ، وإعتماده كتقليد سنوي بحسب ما أعلنه مستشار المحافظة الشيخ عبدالعزيز العقاب ، بموجب توجيهات قيادة السلطة المحلية ، ودعمها لكل ما يعزز قيم المحبة والسلام. 

لم تكن إب لتدرك وهي ترتب أحلامها بعيداً عن الرعب ، أن يد السوء حاضرة  - وبنَهَمٍ مُضاعف - لافتراس رغبتها في مغادرة الموت ، والتوق لحياةٍ تلعب الموسيقى واللحن والمسرح إطار لوحتها الجميلة وفضاءات مخيلتها الخضراء ، وبيقين - من يأمل - أن تكون إب مرتع سلام هادئ للجميع. 
لم أكن حاضراً لحظة الإختتام والتي اعتلى فيها الحوثيون المنصة - كما يفعل رجالات الدولة - وبتواطئ منفلتٍ ، كي يقوموا بتكريم المهرجان ، متناسين - بقصدٍ أو دون قصدٍ - أنهم لم يغادروا - بعد - توصيف الشارع لهم كعصابات بدائية ، تمكنت أخيراً من السطو على الدولة وأجهزتها ومؤسساتها. 

لم يمر كثير وقت على استعارة الحوثيين لوجه لا يشبههم ، إذْ سرعان ما أظهر الحوثيون وجههم الحقيقي وسوءهم المتأصل ، تأكيداً لحقيقة أن البندقية والعنف لا يمكنهما أن يتحولا إلى يدين تصفقان بشغف للفن والموسيقى ، فكان أن داهم الحوثيون جامع الرحمن ومدرسة البيحاني ، والذي تديرهما جمعية الحكمة السلفية ، وبطريقة العصابات دونما مراعاة للعيش والملح الذي سرى في بطونهم خلال مأدبة الغداء التي أعدها الشبخ محمد المهدي ، إبان دخول الحوثيين إب كعابر سبيل غير مرغوب به. 

ربما افتتح أحمد الشامي كمشرف للحوثيين في إب  -خلفاً للمشرف السابق عبدالغني طاؤوس - مشواره السيء في إب ، كحقيقة لا يمكنها أن تدفعنا لمنح السوء صبغة أخلاقية ومسحة جمالية ، لن تصمد - مهما بلغتْ - طويلاً أمام ممارسات الحوثيين الشوهاء وصلفهم ، وبما يجعل الحوثيين أشبه بقرية منسية خلفها التأريخ ، بحيث لم تعد صالحة لسوى العبرة والعظة. 

يبدأ أحمد الشامي مشواره مانحاً إب مشاريع واعدة ، قد تساعدنا في الإقتراب من الإضمحلال والفناء ،وكأنه يقدم فتحاً جديداً للحوثيين وانتصاراً متشحاً بالورع والإيمان ، وبيقين من يعتقد أنه استعاد باب المندب وجزيرة ميون ، لا مركز البيحاني وجامع الرحمن في إب. 

لا أدري ما الذي تم نهبه حتى الآن ، غير أنني أدرك أن الشامي ( المشرف) ، كان صادقاً في تقديم الصورة الحقيقية لرجل الميليشيا المثخن بالسوء ، والذي راح  - بنَفَسٍ منهكٍ - يدون سيرته بفرشاة السطو والمداهمات الفجة والمؤرقة لمدينةٍ.....
لا تجد حرجاً في أن تدوس بأقدام متسخة شعارات الحوثيين وإدعاءاتهم الكاذبة ، كلما سألتْ : 
هل أعاد الحوثيون ما نهبوه من منزل الشيخ العجل ( أموال - ذهب - فضة - تحف - عسل .... الخ) حتى الآن ؟ 
أم أنها ستضيف سؤالاً مشابها كي تضيف
وهل أعاد الحوثيون ما نهبوه من مركز البيحاني وجامع الرحمن ...؟

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص