الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
صاحبي محمود ياسين
الساعة 21:36
أحمد طارش خرصان


لطالما وقف محمود ياسين إلى جانب البلد ، متوحداً بإيمانه بمبادئه وقيمه ، التي لم تنجح الأدغال الموحشة من النيل منها .

أتحدث عن محمود ياسين صاحبي ، وأحاول الغوص في حياة فتى بلغ الأربعين من عمره ، دون أن تتمكن العتمة من صلبه على أعمدة الشيخوخة والوهن ، ولربما نجح - فيما يبدو - من مغادرة الموت بيقين من أظهر تحديه له ، ولا مبالاته إزاء عدوٍ ، لم تعد تفصله عن لحظة الهجوم عليه سوى القليل من الوقت. 
أحاول التخفف من كوني صاحباً عاقاً لمحمود ياسين ، وكتابة ما يشبه تضامناً معه ، غير أنني أعرف محمود ياسين جيداً ، وهذا كافٍ لأن أشعر بالأسى وخذلان اللغة ، كلما حاولت الكتابة عن محمود - صاحبي - وسيرة ملاكٍ ، وقع اليوم في قبضة الحوثيين رفقة ماجد المذحجي وعلي البخيتي ، وعبدالرشيد الفقية .

لم يرتكب الحوثبون عملاً صادماً وجديداًعلبهم ، ولم يقوموا بغير وظيفتهم التي وجدوا لأجلها ، والتي تكاد تنحصر في قدرتهم على العيش كعناوين مبتذلة ورخيصة - لكل ما هو قذر وتافهٍ - لم تخبرهم أجسادهم بالذي فعله صالح بهم في حروب صعدة السابقة. 

يختطف الحوثيون محمود ياسين ورفاقه ، فيما الحاج قاسم ياسين في الدنوة يزهو بإبنه محمود ، كقائد عسكري تمكن الأوغاد من اقتياده بخسةٍ ووضاعةٍ إلى ساحة الإعدام ، ولعل الحاج قاسم ياسين - والد محمود - أكثر طمأنينة من أيّ وقت مضى ، وهو يرى الفقيه سعيد يعاود الظهور مرة أخرى ، مواجهاً أسوأ عصابة سيعافها التأريخ كجيفةٍ ، وجماعةٍ لم تستوعب ( كم يُثقل عليها دم المقتول). 

أتحدث عن محمود ياسين كمن يسرد مروياتٍ جيدةٍ عن المبادئ والقيم والنزاهة ، وكمن يتحدث عن ضمير أمة ظل محاطاً بالموت ، دون أن يستسلم للتعري المشين والسلوكيات الفاضحة ، حاملاً على عاتقه واجب الدفاع عن حياةٍ ، حولها الحوثيون وصالح إلى مرتعٍ خصبٍ للقبح والطقوس القذرة. 

أشعر بمحمود ياسين ورغبته في العيش بمقاسات مواطن يمنيٍ بسيطٍ ، وبقناعة مؤمن وزاهدٍ ، اختزل الحياة في الوفاء لبساطته وإيمانه بحرية الإنسان وبؤس المعتقلات ، التي لايمكن لها أن تدفع المجتمع للرضوخ لهذا المنطق المستهجن والغبي. 

لمحمود ياسين نكهة الأصالة ورائحة التمرد على كل ماهو بالٍ ومهترئٍ ، وأجده اليوم مكتملاً بسيرة فتى بلغ زنزانة الحوثيين وصالح ، كمناهض لكل من يحاول سلب اليمنيين وطنهم وأحلامهم. 

قرأت ما سرده الكاتب علي البخيتي في صفحته عن الواقعة ، وأدركت حجم النهاية المفجعة التي تنتظر هؤلاء ، وأدركت أيضاً الذي وصلنا إليه ، وكيف أن صالح نجح في الزج بالحوثيين في معركةٍ خاسرةٍ ، وحوَّلهم إلى ما يشبه اسفنجةً ، استطاعت - وبنجاح بالغٍ - إمتصاص كل أوساخه وسوءه .

لا أدري ما الذي فعله الحوثيون بصاحبي محمود ياسين ، ولا بالذي فعلوه بصديقي ماجد المذحجي وصديقي العزيز عبدالرشيد الفقيه ،  وبصديقي العزيز باسم الورافي وآخرين ....،إذْ لا يمكنني منح الحوثيين مروءةً إفتراضيةً ، ومانعاً أخلاقياً أصيلاً ، قد يدفع بالحوثيين للتعامل معهم بإنسانيةٍ ، لا بهمجية مفرطة .

انتصر محمود ياسين ورفاقه ، في موقف يثبت لليمنيين قدرتهم الفائقة على مقارعة الزيف والمرجعيات العفنة ، وأدوات القمع المستهلكة.  لصاحبي محمود كل الأمجاد ولرفاقه تحية صلبة وإرادة فولاذية.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص