الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
سيرة ربع قرن
الساعة 00:13
أحمد طارش خرصان

خمسة وعشرون عاماً هو العمر العلني للتجمع اليمني للإصلاح كحزب سياسي خاض أكثر من ست دورات إنتخابية ، توزعت ما بين برلمانية ورئاسية ومحلية ، كانت كافية - ربما- لإزالة مخاوف ، علقت بتجمع الإصلاح والتي كانت نتاجاً طبيعياً، للحالة التي عاشها تجمع الإصلاح - بقاعدته العريضة والواسعة - أسيراً للمركزية التنظيمية ، وبروز ما يمكن تسميته بديكتاتورية القرار ، والبوليسية المفرطة في سلوكياته وعلاقاته مع مجتمع ، وجد أن التجمع اليمني للإصلاح لا زال يعيش مرحلة السرية ، والتي دائما ما تخلق عدواً إفتراضياً ، لا يستلزم سوى المزيد من الولاء والمنعة التنظيمية ، والطاعة العمياء لكل ما يصدر عن هيئاته القيادية العليا ، وإلباسها القداسة المُوجبة للتنفيذ لا المناقشة وإبداء الرأي. 

لا يهمنا ما كان عليه تجمع الإصلاح البتة ، بقدر ما يدفعنا ذلك إلى التمييز بين زمنين عاشهما التجمع اليمني للإصلاح ، تطور فيهما أداؤه مواكبةً لتتابع الأحداث التي مرتْ بها منطقتنا العربية عامة واليمن خاصة، وأنت تقف مواجهاً تجربة الإصلاح منذو ظهوره وحتى اليوم ، تجد أنك أمام حزبٍ تمكن بدأبٍ من التوغل في الجغرافيا اليمنية، وبمعزل عن علاقته الشائكة بالنظام الحاكم ، والتي كانت - ربما - بحسب تقدير البعض ، علامة فارقة في تأريخه ، توجها بالإنفصال التام عن النظام الحاكم بزعامة صالح في 2011م ، منخرطاً في صفوف المشترك ليكون الدينامو المحرك لهذا المكون المنضوي تحته كل التوجهات المتضادة ، والتي عدها الكثير من المتابعين لجماعات الإسلام السياسي ، تطوراً نوعياً يستوجب الوقوف عند هذه التجربة بكل انجازاتها وإخفاقاتها، منذو تأسيس اللقاء المشترك وحتى اليوم. 

اليوم وبعد مرور ربع قرن على ميلاده ، يلمس المتابع التحول الكبير والتطور في أداء الإصلاح كحزب ، تمكن اليوم من أن يكون حزباً ثوريا بامتياز ، ولعل هوس الحوثيين وصالح في أذية الإصلاح ومحاولة خنقه ، منح الإصلاح مناعةً ضد هذا الصنف من الأذى ، وجعل الإصلاح أشبه بحزب ثوري ويساريٍ ، كتلك الأحزاب والجماعات التحررية في أمريكا الجنوبية ، إعتماداً على حجم الإنتهاك الذي تعرض ويتعرض له الإصلاح وأعضاؤه وأنصاره وناشطوه وقياداته، من قبل آلة العنف الهمجية التابعة لتحالف (صالح /الحوثي) .

لقد أثبت الإصلاح خلال مسيرته التي توجها بثورة فبراير 2011م ، قدرته في تقديم مصلحة البلد على مصالحه الذاتية ، والتعامل مع متغيرات الواقع بوطنيةٍ عالية ، يشهد بذلك موقفه الأخير إبان اجتياح الحوثيين لصنعاء في سبتمبر من العام الماضي ، محنياً رأسه لعاصفة الموت المدفوعة الأجر والمعدة سلفاً ، مؤثراً عدم الدخول في صراع ، كان يدرك أنه المستهدف الوحيد والفريسة الوحيدة ، في مضمار الأحقاد المضادة والثارات العمياء. 

ربما ينفرد الإصلاح عن بقية الأحزاب المعارضة لتحالف الحوثي / صالح ، في الكم الهائل من الإنتهاكات التي طالتْ قياداته وناشطيه وأعضاءه وأنصاره ، ولعل تقارير المنظمات الحقوقية اليمنية والدولية ، تبرز بوضوح حجم الإنتهاكات التي تعرض لها الإصلاح كحزب سياسي ، ما زال الكثير من قياداته وناشطيه رهن الإختطاف في سجون وأماكن ، يرفض الحوثيون وصالح الكشف عن مصيرهم حتى اللحظة .

لقد قدم الإصلاح الكثير من قياداته كثمن لهذا الموقف المقاوم لصلف الحوثيين وأحقادهم ، ولازال يقدم ويبدي إستعداده لتقديم الكثير من التضحيات ، إيماناً بواجبه وانتصاراً لقيم الحرية ، ورفضاً للعودة إلى العبودية تحت أي مسميات أو مرجعيات ، لا تستهدف سوى صناعة ديكتاتوريات قادمة بغيضة ومستهجنة. 

للإصلاح الكثير من المثالب ، لكنها - برأيي - لا تقلل من مكانة وحضور وتواجد هذا الحزب ، وأثره في الساحة السياسية اليمنية. 

للتجمع اليمني للإصلاح التحية ولأعضاءه وأنصاره - بعيداً عن مواقفهم المسيئة - وافر التقدير وأمل التحرر من قبضة العباءات البالية والقداسات القاتلة.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص