الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
نبيهة محضور
الكوتا هي الحل..!!
الساعة 13:26
نبيهة محضور

تعتبر المرأة نصف المجتمع  والجناح الأخر الذي لا يمكن التحليق الا به ، فهي الشريك في عملية البناء والتنمية في أي مجتمع ، وتقاس مدى درجة التحضر في المجتمعات بمدى مشاركة المرأة في مختلف نواحي الحياة  ومدى مساهمتها في النهوض بالمجتمع ولا يتحقق ذلك الا اذا وصلت المرأة الى التمكين من حقوقها بشكل فعلي وشامل وكانت على قدر كبير من الوعي والمعرفة ، وقد كانت قضايا المرأة وخاصة قضية المساوة بين الجنسين من اهم ما تميز به القرن العشرون ، هذه القضية التي بداتها النساء اصلاً تم بدأ الرجال بتأييد خطوات هذه القضية والتنظير لها ضمن تنامي الوعي العالمي بقضية الديمقراطية والتي تعتبر احدى مرتكزاتها هي المساوة واعطاء الفرص للجميع دون تفرقة بين الجنسين وقد دعا الى ذلك من قبل الدين الاسلامي الذي حفظ للمرأة كرامتها ومكانتها وحقوقها حيث قال عز وجل في محكم تنزيله (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم )

 

وبالرغم من أن بلادنا قد صادقت على الكثير ان لم نقل اغلب الاتفاقات والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق المرأة وأن الدستور اليمني قد نص على المساوة الا انه لازال هناك فجوة كبيرة على ارض الواقع بالنسبة للمجال السياسي والحزبي وحجم تواجد المرأة في مجال التأثير السياسي  ومستوى تمثيلها في مواقع صنع القرار بما يتناسب مع مستوى تواجدها في المجتمع الذي يصل إلى اكثر من ( 50% ) وبالرغم من أن المرأة تمثل نصف الهيئة الناخبة الا انه لوحظ انه منذ عام ( 93م – 2006م ) ان مستوى تمثيل المرأة كناخبة في الانتخابات النيابية والمجالس المحلية كان في ازدياد مقارنة بنسبة تمثيل الناخبين من الذكور ولكن حينما نأتي لنقارن مستوى تمثيل المرأة كمرشحة خلال نفس الفترة فهي نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر مقارنة بعدد المرشحين من الذكور حتى هذه النسبة الضئيلة بدأت بالتناقص في الانتخابات النيابية والمجالس المحلية وكذلك تدني في عدد الفائزات من المرشحات !! فماذا يعني ذلك ؟

 

ان ذلك يعتبر مؤشر لتدني مستوى المشاركة السياسية للمرأة ، فهل يرجع هذا التدني لعدم ثقة المرأة بأختها المرأة لذلك عزفت عن التصويت لها واتجهت للتصويت لأخيها الرجل ؟؟ رغم أن المرأة اكثر ملامسة لهموم واحتياجات المرأة !! أم أن تصويت المرأة للرجل من باب التبعية المطلقة ؟؟ فما هي الأسباب التي تعيق المرأة في المجال السياسي ؟

 

حقيقة ان المرأة تواجه الكثير من المعيقات والصعوبات للمشاركة السياسية منها ما هو اجتماعي وسياسي وذاتي يخص المرأة نفسها فعلى الصعيد الاجتماعي والثقافي تشكل العادات والتقاليد عائق للمرأة نتيجة قلة الوعي المجتمعي بدور المرأة في المجتمع ووجود القيم التميزية بين المرأة والرجل نتيجة التنشئة الخاطئة مما ادى الى احجام المرأة عن المشاركة بشكل فاعل ، كذلك وجود فهم مشوش وخاطئ للدين والنصوص القرآنية من قبل البعض مما ادى الى وجود معارضين للتمكين السياسي للمرأة ، ايضاً ضعف الثقافة السياسية والمدنية في المجتمع وخاصة بين اوساط النساء ، وعدم وجود قاعدة نسوية تدعم المرشحات من النساء !! فهنا يكمن التساؤل :

 

ما هو دور القطاعات النسوية الحزبية في دعم المرأة ؟؟
أم انها مجرد شكل ديمقراطي فقط ؟!! ولماذا لا تتضافر جهود الاتحادات النسوية والمنظمات المهتمة بقضايا المرأة في اختيار الأكفأ والأجدر من بينهن وتعمل على اعدادهن وتأهيلهن للعمل في المجال السياسي ؟؟
الى جانب تلك المعيقات فهناك معيقات سياسية واهمها :
-    الموقف السلبي للأحزاب والتنظيمات السياسية تجاه ترشيح المرأة واستغلالها " كبنك اصوات " ليحصد الذكور من خلالها المقاعد السياسية الهامة .

 

-    الترحيب بالمرأة في لجان الصناديق للحاجة الماسة اليها في التعامل مع الناخبات وغيابه في المستويات العليا للإدارة الانتخابية ( اللجنة العليا للانتخابات – اللجان الأساسية والأصلية – اللجان المباشرة) وان وجد فبشكل ضئيل لا يمثلها التمثيل المناسب .
-    عدم تفعيل الاتفاقيات الدولية وافتقار تلك الاتفاقيات لأليات الزامية تمكن المرأة بشكل اكثر فاعلية .
-    تهميش القطاعات النسوية في الأحزاب واهمال الكوادر الوطنية المؤهلة وعدم دعمهن للوصول الى مواقع صنع القرار . 

 

كذلك من المعيقات الهامة ايضاً انتشار الأمية في المجتمع بشكل عام وازديادها  بين اوساط النساء بشكل خاص ويعد ذلك من اهم المعيقات للمرأة حيث ان من العناصر الأساسية لتمكين المرأة ومساهمتها في العمل السياسي والاجتماعي ودخولها في مجال التوظيف يتوقف تحقيقه على تعليم المرأة وعدم امتلاك المرأة لناصية التعليم يجعل من فرصتها في المشاركة السياسية والاقتصادية من الأمور الصعبة ان لم نقل مستحيلة فالتعليم يدفع المرأة الى الشعور بالذات والمشاركة الفاعلة وامتلاكها القوة والقابلية للتأثير .

 

كما انه يوجد عائق اخر يقف امام تمكين المرأة وهو المعوقات الاقتصادية وضعف مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي وذلك نتيجة الانعكاسات السلبية لاختلال التعليم لدى المرأة يؤثر في انخراط المرأة في النشاط الاقتصادي ، ان تمكين المرأة اقتصادياً ينمي عندها الثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرار وبالتالي فان المعوقات الاقتصادية تعد عائقاً حقيقياً امام المرأة وخاصة عند الانتخابات وقيادة الحملات الانتخابية التي تحتاج الى اموال طائلة .

 

بالإضافة الى تلك المعوقات هناك المعوقات التشريعية بما تتضمنه من قوانين الأحوال الشخصية وقوانين العقوبات وغيرها تعتبر قوانين قاصرة عن مواكبة حاجات التطور وتحتاج الى اعادة النظر بما يحقق المساوة العادلة وبما يتفق مع الشريعة الاسلامية .

 

كما ان افتقار المرأة المرشحة لقواعد ومهارات ادارة الحملات الانتخابية والتكاليف الباهظة التي تحتاجها وضعف ثقة المرأة بنفسها وبأختها المرشحة ونتيجة لكل تلك المعيقات نلمس غياب المشاركة السياسية الفاعلة للمرأة وهيمنة الرجل بقدراته وامكاناته وعلاقاته وتوفر الدعم المادي والحزبي له لإيمانهم أي الأحزاب بقدرات الرجل أكثر من المرأة !!

 

فما هو الحل لتكون المرأة فاعلة بشكل اكبر في تنمية المجتمع وفي المشاركة السياسية وتتبوا مراكز صنع القرار بشكل عادل ومنصف ؟؟
الحل هو تطبيق نظام الكوتا النسوية او بما يسمى نظام الحصص من خلال تخصيص نسبة للمرأة تضمن تواجدها في كل المستويات ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) بما لا يقل عن (30) مبدئيا ، فالكوتا هي الحل الأنسب في الوقت الحالي لأجل الدفع بالمرأة وتمكينها سياسيا بشكل تدريجي حتى يتقبل المجتمع تواجدها ويؤمن بقدراتها واهمية تمثيلها في مواقع صنع القرار وذلك لإيجاد تنمية شاملة وسليمة تشارك المرأة فيها بصورة فاعلة ، ومن اجل التخلص تدريجياً من صور التميز السلبي الذي يعيق نمو المجتمع وتطوره ، وإتاحة الفرصة للمرأة للمشاركة في المناصب الادارية والسياسية على اساس المؤهلات الكفاءات والخبرات دون ان يكون جنسها عائقاً في تولي تلك المناصب مما يؤدي الى حصول المرأة على حقوقها المشروعة وبالطرق المشروعة ومن اجل الحد من الفساد المالي والاداري الذي اعاق التنمية وادى الى انتشار الفقر والبطالة حيث تشير الكثير من الدراسات ان المرأة اقل فساداً ، ولابد من تطبيق نظام الكوتا من اجل وصول المرأة الى البرلمان التي لم تستطع الوصول اليه عبر الانتخابات التنافسية مع الرجل ليس بسبب قلة كفاءاتها ولا مؤهلاتها وانما بسبب النظرة الدونية للمرأة نتيجة العادات والتقاليد التي تنتقص من قدراتها ( لدينا برلمانية واحدة في اليمن !!) 

 

والكوتا نظام معمول به من مائة وخمسة وعشرين دولة اشهرها في قارة افريقيا ( جنوب افريقيا ، وارتيريا وغانا والسنغال ، ورواندا وبوركينا فاسو) وفي قارة امريكا اللاتينية ( الارجنتين ،والبرازيل ،والمكسيك ) وفي قارة امريكا اللاتينية ( الارجنتين ، والبرازيل ، والمكسيك ، وفي قارة اوروبا ( فرنسا ، وبريطانيا ، وإسبانيا ، وبلجيكا ) ، وفي قارة اسيا ( بنغلادش ، وباكستان ، سريلانكا ، والفلبين ، واندونيسيا ) وفي بعض الدول العربية كالأردن وفلسطين والعراق ومصر  وذلك ادراكاً منهم بأهمية مشاركة المرأة الفاعلة في المجتمع .

 

 

فالكوتا عبارة عن إجراء استنهاضي مؤقت تقتضيه المصلحة العامة خاصة في الوضع الراهن الذي يعاني فيه المجتمع اليمني من وجود فجوة في التوازن بين تمثيل المرأة والرجل في المجتمع والمتمثل في ضعف المشاركة السياسية للمرأة نتيجة اسباب عدة اجتماعية وسياسية وثقافية كانت وما تزال بمثابة معيقات لها من الوصول الى مواقع صنع القرار وبالتالي غيابها عن مواقع التشريع ادى الى غياب دورها وتهميش حقوقها ، فالكوتا تعد وسيلة للتغلب على فجوة التصويت بين الرجال والنساء و و سيلة لحل مشكلة التمثيل الناقص للنساء في البرلمان والحكومة كما ان تطبيق نظام لهنا الكوتا لا يؤدي إلى التميز بين الرجل والمرأة بل يمنح المرأة جزء من حقوقها ويعطي الفرصة للنساء المرشحات للتنافس في ظل ظروف متكافئة نسبياً علي المقاعد المخصصة .

 

لذلك فالكوتا او نظام الحصة عبارة عن تمييز ايجابي يساهم في تفعيل مشاركة المرأة في الحياة العامة وتعتبر الحل الأمثل لضمان تواجد المرأة في مواقع صنع القرار بما يتناسب مع حجم تواجدها في المجتمع الذي يعتبر اكثر من 50 % وبالتالي فان اعتماد نظام الكوتا هو تحقيق لمبدا المواطنة المتساوية الفعلية والخروج بها من دائرة النصوص والعبارات إلى الاجراءات والتطبيق الفعلي لذلك فأن اعتماد نظام الكوتا بنص دستوري سيكون من أهم مؤشرات التحول الديمقراطي الحقيقي ويمنح المرأة المشاركة الفاعلة في عملية التنمية.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص