الاثنين 18 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الجمعة 15 نوفمبر 2024
كيف انهار الاقتصاد اليمني في 2832 ساعة؟
الساعة 19:59 (الرأي برس/نبيل الشرعبي)


قد لا يكون هناك توصيف يليق بتجسيد حالة اليمن واقتصاده، خلال العام الجاري 2015، غير توصيف إنه عام أسود على اليمن والاقتصاد.

إذ لم يعد بمقدر خبراء الاقتصاد، الحديث عن وضع بلد مثل اليمن، وكذلك اقتصاده، دون التأكيد على أن هذا البلد- والذي يبلغ قوام سكانه حوالي 25مليون نسمة، على أنه ولج دائرة الإنهيار التام، على كافة الأصعدة والمستويات وبلا إستثناء.

في الأشهر الأولى من النصف الثاني من العام الماضي، قال الخبير الاقتصادي واستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور علي قائد: إن موازنة العام الجاري ستتعثر، وفي أحسن الأحوال سيتأخر مناقشتها وإقرارها من قبل جهات الاختصاص من 5 إلى 8 أشهر.

وذاك وفق الدكتور علي قائد، إن كان وضع البلد لم يشهد إتساع مساحة الصراع، أما إن تغير الوضع واتسعت مساحة الصراع، وتدخلت قوى خارجية لوقف الصراع، فإن الوضع سيكون غير، ولن بمقدور الطرف الذي يتحكم في زمام البلد، إلا اللجؤ إلى اعتماد موازنة العام السابق.

وعبر مراجعة وقراءة موازنة العام السابق، ورغم أنها تم وضعها لظروف مغايرة عن ظروف العام الجاري، إلا أنه كان يعتريها كثير من الاختلالات، حتى أن خبراء اقتصاد أفادوا حينذاك أنها هشة ولم تختلف عن موازنة العام الذي قبله، إلا بشيء واحد وهو رفع إجمالي عام الموازنة من 13.1 مليار دولار عام 2013إلى 14.4مليار دولار عام 2015.

والأهم من ذلك كله، إن موازنة العام الماضي لم تواكب المتغيرات التي حدثت، ولذلك تم تقليص الموازنة الاستثمارية من 30بالمائة إلى حوالي5بالمائة، ناهيك على أنها لم تكن مبنية على أسس تواءم بين تدفق الموارد من طرف والاحتياجات من طرف آخر.... إلخ.

ويجمع خبراء اقتصاد أن اليمن دخل مرحلة خطرة للغاية، خلال الأشهر الأخيرة جراء كثير من العوامل الاقتصادية والإنسانية والعسكرية ..... إلخ، ومن أهم الملامح التي صار بها يمكن تمييز الاقتصاد اليمني، وأنه وصل مستوى لم يصله من قبل ودخل وضع الإنهيار التام هو ما يلي"
تعثر أو توقف إدارة الجزء الأكبر من الثروات والموارد، وفي مقدمتها النفط والغاز، هاتين الموردين الللذين يسهما في ما يقارب الــ 65بالمائة من إيرادات الموازنة العامة للدولة.

أضف إلى ذلك موردي الضرائب والجمارك، إذ صار من الصعب التحدث عن الضرائب خاصة في ظل هكذا وضع ومثلها الجمارك، واللذين كانا يجب أن يسهما بما نسبته 35بالمائة على تقدير في الموازنة العامة للدولة.

كما أن الاحتياطي النقدي أخذ في التراجع أكثر من أي وقت مضى، وقد يزداد في التراجع كلما طالت الأزمة قائمة، حتى أنه لن يعد يكفي بعد شهور لفترة شهرين إلى ثلاثة لشراء السلع الغذائية والمشتقات النفطية.

ويزيد من تعقيد الوضع إرتفاع حجم الدين الداخلي والخارجي، ووصوله إلى مستويات أكثر خطورة، وفي المقابل ارتفاع نسبة الفوائد على الدين العام الداخلي، وعدم وجود موارد تسد الفجوة القائمة بين الدين العام والعجز العام في النفقات.

أيضاُ من ملامح إنهيار الاقتصاد اليمني، توقف النشاط السياحي كلياً، وإصابة النشاط الفندقي بمقتل، وتسريح عشرات الألاف من الأيدي العاملة التي كانت تعمل في القطاع السياحي عامة والفندقي خاصة، جراء إغلاق شركات السفر والسياحة والفنادق أبوابها.

كما أن توقف حركة الملاحة سواءَ الجوية والنقل الجوي، أو البحرية والبرية، وهذا ترتب عليه تعاظم خسائر اليمن، وفقدانها أحد أهم موارد رفد الموازنة، وفي هذا الصدد كشف مسئول في الهيئة العامة للطيران أن خسائر اليمن، جراء توقف الرحلات الجوية فقط تبلغ في الأسبوع حوالي 11مليون دولار.

ويمتد هذا إلى توقف النشاط الاستثماري، وتوقف تدفق المشاريع الاستثمارية وبالذات الأجنبية، وعلى الطرف الأخر توقف المشاريع الاستثمارية المحلية، نتيجة الخوف من المستقبل.

ولم يقف الأثر عند ما تم ذكره، بل إمتد إلى النشاط الصناعي والذي أصيب بالشلل في كثير من قطاعاته، ومثله النشاط التجاري والذي توقف فيه عمليتا الاستيراد والتصدير، وفي المقابل تآثرت عملية العرض والطلب، وتقلصت حركة السوق.

ايضا وصل الأثر إلى الأيادي العاملة إذ تم تسريح عشرات الألاف منها، ونجم عن ذلك انقطاع مصادر دخل هؤلاء المسرحين وأسرهم، هذا أدى إلى زيادة أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل.

وحسب استطلاع خاص بموقع : الرأي برس" تم التوصل إلى نتائج مقلقة، مفادها زيادة أعداد المتسولين والفقراء، حتى أنه صار في الشارع الواحد في أمانة العاصمة أكثر من 100متسول، وهو شكل لم يكن معهود من قبل أشهر، وهذا الوضع مرشح للصعود.

وفي مجال الادخار فقد تأثر هذا النشاط، وتراجع مستوى الإدخار عما كان عليه قبل عدة أشهر، بل أن الأسر التي كانت تلجأ للإدخار عمدت إلى السحب من مدخراتها، ولم تعد قادرة على الإدخار.

وهذا بدوره آثر على النشاط المصرفي والذي أصيب بشلل كبير، جراء تدفق أموال المدخرين والتحويلات التي كانت تتدفق من المغتربيين اليميين في الخارج.

ومما صار يزيد من حدة القلق من القادم عدم اقتصار الوضع على ما تم إيراده سلفاً، وإنما من عوامل أخرى مثل إصابة النشاط الزراعي بشلل كبير، جراء انعدام المشتقات النفطية، وعدم وجود قطع الغيار، وضعف القوة الشرائية، وإرتفاع أسعار الماء.... إلخ.

كما أن توقف عملية العمران والبناء والتشييد، أدت إلى زيادة الوضع تعقيداً، إذ وجد عشرات الألاف من العمال الذين كانوا يعملون في هذا القطاع أنفسهم بلا عمل، وهذا مؤشر خطير للغاية على إتساع رقعة البطالة ومساحة الفقر.

وقالت صحيفة "الايكونومست" البريطانية، إن المملكة العربية السعودية زادت الطين بلة من خلال خوضها الحرب على اليمن، حيث تفاقم التوتر مع منافستها الإقليمية إيران، وقالت التقارير إن الطائرات السعودية قتلت 1000 من المدنيين وجرحت أكثر من 4000 معظمهم أطفال ونساء وقصفت عشرات المباني.

ولذلك كان قد تنفس معظم اليمنيين والعرب عبر المنطقة الصعداء عندما أعلن السعوديون في 21 أبريل أنهم سينهون الضربات الجوية الخاصة بهم، إلا أن السعوديين احتفظوا بحقهم في الرد من جديد، وإن كان على نطاق أضيق.

وعلقت الصحيفة على مزاعم المملكة بأنها أوقفت زحف الحوثيين، وهاهم اليوم يسيطرون على مناطق كبرى في اليمن، منها تعز وصنعاء وعدن والحديدة.

وأشارت الصحيفة الى أن هناك حديثاً عن صفقة سرية بين السعودية وإيران لوقف الغارات الجوية السعودية على صنعاء، وهي عاصمة اليمن التي استولى عليها الحوثيون العام الماضي، في مقابل السماح للضربات بالاستمرار في أجزاء من الجنوب، مثل تعز، حيث السنة هم الأغلبية. وقد سارعت إيران إلى الثناء على نهاية الهجمات الجوية السعودية.

وتقول وكالات غربية إن العملية التي تقودها السعودية أغلقت الطريق أمام وصول المساعدات الإنسانية.

ولا يزال من الصعب التنبؤ بالسياسة السعودية، حيث إن دافعها ليس فقط عدم محبة حكامها لإيران، أو شعورهم بأن اليمن هو الحديقة الخلفية للمملكة، بل يدرك الملك سلمان أيضا أن نتائج الحرب ستؤثر على مكانته الخاصة، وعلى مكانة ابنه الأصغر، محمد، الذي يقول البعض إنه يهيء للخلافة في الوقت المناسب، وأعطي الأمير محمد بالفعل وظيفتان هامتان، هما رئيس الديوان الملكي ووزير الدفاع.

وسوف تنشر أمريكا سفينة حربية ثانية قبالة شواطئ اليمن، ويفترض أنها ستقوم بذلك لحماية الممرات الملاحية، ولكنها في الواقع تهدف لردع السفن الإيرانية من تسليم أسلحة إلى الحوثيين. وقد يؤدي هذا إلى طمأنة السعوديين من أنه، وكنتيجة لإيقاف غاراتهم الجوية، لن يكون الحوثيون قادرين على تجديد إمداداتهم من الأسلحة من إيران عن طريق البحر.

وتخشى أمريكا من سيطرة القاعدة على المزيد من الأراضي في الجنوب والشرق، ولذا يؤكد خبراء أن أحد أسباب وقف "عاصمة الحزم"، أن يتمكن القاعدة وأنصارهم من التوغل في الجنوب كما في المكلا.

ويخشى كثير من اليمنيين من أن السعوديين سوف يمولون الآن وكلاء سنة ومتشددون، وفي غضون ذلك، من المرجح أن تستمر الفوضى في اليمن، وليس من المرجح أن يوافق الخصوم المدعومون من السعودية على مطالب الحوثيين بنيل دور رئيس في أي حكومة وحدة وطنية، وهناك الكثير من الجنوبيين الذين يريدون الانفصال، وتسيطر القاعدة على المزيد من الأراضي في الجنوب والشرق.

وهكذا فإنه منذ عام 2011 الذي شهد قيام الثورة في اليمن لم يلتقط الاقتصاد اليمي انفاسه حتى الآن، وكان اكبر الخاسرين من التحركات والصراعات السياسية في بلد انهكه الفقر والبطالة لعقود طويلة.

ويعانى الاقتصاد اليمني تاريخيا اختلالات في بيئته الاقتصادية ادت الى مشاكل بنيويه في هيكله الاداري نتيجة اندماج اقتصاد دولتين – اشتراكي (في جنوب اليمن) – ورأسمالي (في شمال اليمن)ـ اثر قيام دولة واحدة في 22 مايو 1990.

وقد شهد الاقتصاد اليمني العديد من الصدمات التي شكلت تهديدا كبيرا له بعد عام 2011 نتيجة هروب رؤوس الاموال وتراجع النشاط التجاري والصناعي وتدهور القطاع الاستثماري في بلد مزقته الانتماءات والولاءات الضيقة بعيدا عن الوطن الام ما ادى الى اضعاف الاقتصاد بشكل عام وانهاك ميزانياته السنوية بشكل كبير.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص