الاثنين 18 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الجمعة 15 نوفمبر 2024
اليمن تغرق في متاهة ملفات شائكة !!! (ملف خاص لـ"الرأي برس)
الساعة 16:09 (الرأي برس/ خاص- نبيل الشرعبي)

لم يعد القول بدق ناقوس الخطر، حول الوضع الاقتصادي لليمن خاصة والوضع الكلي عامة، مجرد تحذرات تتصاعد من هنا وهناك، بل غدا الأمر أكثر خطراً من القول بحدوث كارثة اقتصادية وإنسانية تعم البلد وعلى كافة الأصعدة، إذ وصل الإنهيار التام ليعم كافة مكونات المنظومة الشاملة للبلد.

 

فالمنظومة الاقتصادية والأمنية والإنتاجية ومنظومة إدارة الثروات، وكذلك تسيير إدارة البلد...إلخ، أصابها الإنهيار التام ولم تعد قادرة على القيام بمهامها البتة، في ظل الغياب التام لحكومة تدير البلد، وكذلك رئيس يتولى عملية توجيه وإقرار وصناعة السياسات العام والكلية للبلد.

ومن أكثر العوامل التي تزيد من خطورة بقاء الوضع كما هو، أو بالأصح تجر البلد نحو مصير أكثر قتامة وكارثي، هو أن اليمن بعد إنهيار المنظومة الأمنية تليها الاقتصادية ثم الإدارية .... إلخ، لم يتوقف الحال عند هذا الوضع، بل تعداه ليغدوا اليمن بلا رئيس ولا حكومة ولا عاصمة، وزيادة على هذا استمرار جماعة الحوثي، في التوسع بفتح جبهات للحرب الطاحنة، يقابله مواجهات واستعدادات على الطرف الأخر لمواجهة أو صد الحرب الحوثية التوسعية.

وأكد تقرير حديث لمنظمة الفاو أن انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في اليمن تمثل مشكلات بالغة التعقيد وتحتاج إلى عمل وثيق بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني إلى جانب تعزيز التنمية الريفية والحماية الاجتماعية للفئات الأشد ضعفاً، بما في ذلك تعزيز صمودها في وجه الصراعات والكوارث الطبيعية.

وأشار تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة، أن سبع دراسات لدول (اليمن ،بوليفيا، والبرازيل، وهاييتي، وإندونيسيا، ومدغشقر، وملاوي)، وصلت إلى نتائج تفيد بعجز هذه الدول في معالجة الجوع، وأن استمرار الأحداث الحالية ستؤثر على فشل تحقيق الأمن الغذائي والتغذية المنشودة.

وعدت الأمم المتحدة الصراع في اليمن، عامل رئيس ومسئول عن التدهور الاقتصادي، ومثله انخفاض الإنتاجية الزراعية والفقر، جعلت منه- أي اليمن، واحداً من أكثر البلدان التي تعاني انعدام الأمن الغذائي، وتتسع فيها مساحة الفقر والبطالة، وتدهور الخدمات العامة.

ويجمع العالم على أن تعاني اليمن من تحديات اقتصادية صعبة، قد تعصف بها والاقتصاد وتجر البلد نحو كارثة إنسانية، إذ الازمات والاضطرابات الحادة سياسيا وامنيا واقتصاديا، تلقي بظلالها على الحياة المعيشية المتدنية للمواطنين وتفاقم معدلات الفقر والبطالة وتهديد السلم الاجتماعي وايقاف عجلة التنمية.

وبقلق بالغ قالت نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنغر أندرسن: "إن الصراعات العنيفة في بعض الدول العربية ومنها اليمن، قد تلقي بظلال قاتمة على آفاق النمو الاقتصادي للمنطقة، وتستدرك أندرسن لكن الإمكانيات الهائلة للمنطقة – شبابها المتعلمين وموقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية – تُحتِّم على المجتمع الدولي أن يتكاتف لمساندة التعافي مثلما فعل في عام 1944 حينما كانت أوروبا غارقة في الصراعات."

وتوقع تقرير حديث للمرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمجموعة البنك الدولي أن يبلغ معدل النمو في المنطقة 4.2 % في المتوسط عام 2015، بزيادة طفيفة عن مستواه في 2013 و2014، ويمكن أن يصل مُعدَّل النمو الاقتصادي إلى 5.2 % في حال زاد حجم الاستهلاك المحلي.

وقال التقرير إنه إذا انحسرت التوترات السياسية، في دول التحول العربي، عدا اليمن سيؤدي ذلك إلى جذب الاستثمارات في مصر وتونس، باستثناء اليمن، والتي ستشهد تراجعاً كبيراً في النمو سيتراجع النمو بسبب الصراعات التي تتسع مساحتها واستمرار تأزم الاوضاع في اليمن.

ووفق تقرير للمرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمجموعة البنك الدولي، إن نظم دعم الطاقة في بلدان الشرق الأوسط التي شملتها ثورات الربيع العربي، ساهمت في خلق كثير من التحديات الإنمائية في هذه البلدان ومنها اليمن ومصر وسوريا وتونس وليبيا، ولذلك يجب أن يكون الإصلاح أحد أهم أولويات واضعي السياسات في هذه البلدان.

وتواجه سبعة بلدان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بينها اليمن وفقا لتقرير البنك الدولي، نمواً متقلباً مازال أقل بكثير من إمكانياته، و حيزاً محدوداً في المالية العامة نتيجة تنامي عجز الموازنة وارتفاع الدين العام وتراجع الاحتياطي الأجنبي، وفي المقابل تقلص المدخرات المتاحة للاستثمار العام والخاص، إضافة الى ضعف القطاع الخاص الذي يعجز عن دفع النمو وخلق فرص عمل.

و لهذا العامل الأخير أهمية كبيرة بسبب الأعداد الضخمة من المواطنين، لا سيما الشباب الأكثر تعليماً، الذين يعانون من البطالة ويدفعون للعمل في القطاع غير الرسمي، ويرى البنك ان تنامي العجز المالي زاد من عملية الاقتراض، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الاختلالات في الاقتصاد الكلي.

ويقول البنك الدولي في تقرير حديث: هناك تحديات وصعوبات اقتصادية بالغة تواجهها اليمن وأهمها الارتفاع الحاد في العجز المالي وضعف بيئة الاعمال، إذ انفقت ثلث العائدات على دعم الوقود والغذاء خلال العامين الماضيين، وفي ذات العاميين تجاوزت الأجور والرواتب 60 % من إجمالي الإنفاق الحكومي باليمن.

و يدفع العجز المتنامي في اليمن بالمالية العامة إلى السحب من الاحتياطي الأجنبي مع تراجع عائدات الصادرات النفطية بشكل كبير وتعرضها باستمرار للاعتداءات وتأزم الاوضاع السياسية والازمات الراهنة، وجراء العوامل الأمنية والضربات المتوالية لخطوط نقل النفط والغاز، انخفضت الايرادات النفطية في اليمن خلال الثلاثة الأعوام الماضية مقارنة بالأعوام السابقة.

وأرجع التقرير مشكلة العجز الضخم في الموازنة إلى ما قبل احداث العام 2011 والتي كان لها تأثير سلبي على التضخم ورصيد الحساب الجاري والنمو الاقتصادي، وتعود الزيادة الحادة في عجز الموازنة بعد عام 2011 طبقا لتقرير البنك الدولي إلى زيادة الإنفاق الحكومي استجابةً للضغوط الاجتماعية والسياسية، وبخاصة دعم الوقود والغذاء وأجور القطاع العام.

واستهجن التقرير آلية الإنفاق الحكومي التي كانت سائدة في اليمن، وحذر من الاستمرار بهذا النمط من الإنفاق الحكومي المتزايد، لا سيما وأن العائدات الحكومية تراوح مستوياتها الآمنة وتنحدر نحو التوقف، وفي المقابل لا تتسم العائدات الحكومية بالتنوع حيث تعتمد اليمن على منتج واحد للتصدير وهو النفط، ما يجعل مصدر عائداتها معرضاً بشدة لصدمات الأسعار الخارجية.

وبسبب العجز "المتنامي في المالية اليمنية العامة، وفق التقرير تضطر الحكومة اليمنية إلى السحب من الاحتياطي الأجنبي، مع تراجع عائدات الصادرات النفطية بشكل كبير وتعرضها باستمرار للاعتداءات، وتعيش اليمن تحديات اقتصادية صعبة - خلال الفترة الراهنة - وأزمات واضطرابات حادة في الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية تلقي بظلالها على الحياة المعيشية المتدنية للمواطنين وتفاقم معدلات الفقر والبطالة وتهديد السلم الاجتماعي وتعمل على إيقاف عجلة التنمية.

ويرى البنك ان تنامي العجز المالي زاد من عملية الاقتراض، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الاختلالات في الاقتصاد الكلي، وترجع مشكلة العجز الضخم في الموازنة إلى ما قبل احداث العام 2011 والتي كان لها تأثير سلبي على التضخم ورصيد الحساب الجاري والنمو الاقتصادي، وتعود الزيادة الحادة في عجز الموازنة بعد عام 2011 طبقا لتقرير البنك الدولي إلى زيادة الإنفاق الحكومي استجابةً للضغوط الاجتماعية والسياسية، وبخاصة دعم الوقود والغذاء وأجور القطاع العام.

و بحسب البنك الدولي فإن القطاع الخاص ليس قطاعاً قوياً بسبب ضعف البيئة الرقابية وضعف إمكانية الحصول على الائتمان. ويتسم القطاع العام، بما فيه الشركات المملوكة للدولة، بالضخامة مع عدم قدرة القطاع الخاص على النمو.

وطالب البنك الدولي، اليمن بسرعة إصلاح السياسات الاقتصادية المقيدة للمنافسة والانفتاح في وضع هذه السياسات وتقليل حيز التطبيق التمييزي لها وخلق المؤسسات التي تضمن المنافسة والشفافية، إذ أن خضوع السياسات الاقتصادية في هذه في اليمن لسيطرة قلة من الشركات ذات النفوذ السياسي قد أسفر عن نشوء بيئة سياسات تخلق الامتيازات بدلا من تساوي الفرص، إلى جانب تقويض القطاع الخاص وخلق فرص العمل.

وذكر تقرير صدر مؤخرا عن المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا التابع للبنك الدولي أن الشركات ذات النفوذ السياسي في اليمن تتحكم في قطاعات النفط والاتصالات ،كما تحظى بامتيازات وتسهيلات حكومية مختلفة منها ضريبية وجمركية وقانونية.

وتوقَّع التقرير تراجع معدلات النمو الاقتصادي في اليمن والعديد من بلدان المنطقة التي تشهد صراعات كما أشار الى حدوث انتعاش اقتصادي في أخرى كمصر وتونس والمغرب، واعتبر التقرير بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متأخرة عن المناطق الأخرى من حيث مؤشرات الحكم الرشيد والفساد والاستخدام المتكرر للحواجز التجارية غير الجمركية و وجود كثير من شبكات المحسوبية بين العسكريين ومجتمع الأعمال.

وحسب التقرير منحت السياسات الاقتصادية في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا الشركات المتمتعة بنفوذ سياسي عدة ميزات، تشمل إعانات الطاقة والإعفاءات الضريبية، والوصول بتكلفة رخيصة إلى الأراضي الحكومية ومقومات اخرى رخيصة الأسعار كالائتمان والكهرباء وذلك خلافا لمنافساتها في نفس القطاع .

وهذه السياسات حد التقرير جعلت الشركات ذات النفوذ السياسي بمنأى عن المنافسة من خلال إقامة عدة حواجز قانونية وتجارية وادارية أمام دخول الشركات الأجنبية، اضافة الى متطلبات الموافقة المرهقة، واجراءات غير جمركية ومتطلبات الحصول على تراخيص حصرية للعمل في قطاعات معينة، أو حواجز الوصول إلى القضاء والأراضي والمناطق الصناعية أوالتطبيق التمييزي للوائح والقواعد الإجرائية.

وارجع التقرير العوامل التي تكبح خلق الوظائف الى عوامل متجذرة في بيئة السياسات التي تحابي عددا قليلا من اللاعبين المهيمنين على السوق وتعزلهم بمنأى عن المنافسة، وطالب الحكومات في المنطقة بإصلاح جميع السياسات المقيدة للمنافسة بصورة مفرطة وتنشيط الطلب على العمالة عبر الانتقال من نظام الامتيازات إلى نظام آخر يتيح تنافس جميع الشركات ورواد الأعمال الجدد على أسس عادلة.

وعلى الصعيد الإنساني تقول الأمم المتحدة أن نحو 44 في المائة من اليمنيين يعانون من الجوع، وفقاً لأحدث الإحصاءات، ويعيش ثلث السكان البالغ عددهم 25 مليون نسمة على أقل من دولارين يومياً، وتقدر البطالة بنحو 35 في المئة، في حين تصل هذه النسبة بين الشباب إلى 60 في المائة، في الوقت الذي ينهش فيه الفساد أكثر نصف موارد اليمن، في ظل صمت رسمي.

ومما يزيد من حدة هشاشة التعاطي مع ملف الفساد، وثروات اليمن المهدرة سواءً من النفط والغاز أو الموارد الأخرى، تقوقع مسئولي البلد وسط دائرة التأثير السلبي للأمن، وتسببه بمضاعفة الخسائر، دون الوقوف الجدي على العوامل التي قادت إلى الإنفلات الأمني الحاصل، والذي تكمن من الوصول إلى ضرب مكامن ثروة النفط والغاز.

وأمام هكذا وضع صار واقع اليمن هو الغرق في متاهة الملفات الشائكة التي تثير القلق من القادم!!

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص