الرواية التي امتطيت صهوتها هذه الأيام لتسافر بي في زمن الحجر الصحي هي رواية " على ضفاف البحيرة"* للكاتب مصطفى لغتيري. تتكون هذه الرواية من عشرة فصول. كل فصل منها معنون بإسم راويه، للتعبير عن الأحاسيس وتبيان نقط الإختلاف والتشابه بين العائلة الصغيرة المكونة من الأب محسن والأم أسماء وابنتهم شمس. 
يستيقظ محسن من حزنه عازما أن يغير حياته التي أصبحت مهملة من طرفه، مهملة لشعوره بالذنب حيال حبيبتيه اللتين هاجرتا عالمه، محسن المهندس صمم مستقبل حياته تصميما مثاليا، لكن حياته إختارت تصميما أخر، تصميم القدر، قدر له أن يعيش الألم ولكنه الأن أعاد التخطيط، وسيعيد بناء حياته مرة أخرى بدونهن، ولكن من أجلهن .
البدء من جديد، فلا شيء يعود، لا شغف شمس و لا غضب أسماء. كل شيء انتهى بانتهاء الرحلة، الرحلة المشؤومة، التي تركت في نفسه ذكريات مؤلمة، مرعبة هي، أكثر من وحدته، ذكريات تعاند واقعه، ذكريات لم يستطع الصمود أمامها حتى وجد نفسه غارقا في بحر المواجد، حتى إن طلب النجدة سيجد منقذه الوحيد هو نفسه لا غير . 
هذا هو عالم محسن الذي قرر التخلص منه بعد مدة طويلة من الحادث، يباشر الحديث من غرفته، التي لولا أشعة القرص الذهبي لبقت مظلمة. 
طيفهما لازال يتابعه، شمس ابنته التي كانت تشببه كثيرا، في حبه  للطبيعة خاصة المناطق الجبلية، وفي شغفه لزيارتها، كان يجالسها و يحادثها عن أمور عديدة، إقتصادية، سياسية، إجتماعية... يشاركها في شغبها وحمقها وهذا ما يثير غضب أسماء زوجته بحيث أن تساهله الشديد معها و تشجيعه لها سيؤديان إلى عدم إكثراتها بكلامهما، رغم هذا كانت حياتهم مثالية، بها حب و احترام وثقة متبادلة. 
تتغير الأحداث منذ رحلتهم إلى جبال الأطلس لقضاء عطلتهم الصيفية على ضفة بحيرة ( أكلمام أزكزا _ aguelmam azegza ، تابعة لإقليم خنيفرة )و في طريقهم يقابلون سكان المغرب المنسي، فقر ، ظلم، تهميش، مناطق عديدة هكذا، لكن الكاتب إختار سكان هذه المنطقة للنيابة عن الأخرين، وليبين لنا شظف عيشتهم في البحث عن لقمة العيش، دعارة أيضا إحترفتها بعض النساء حين لم تجد أي طريقة للكسب . 
يقابلون أيضا صاحب المقهى، الذي يغمرهم شوقا على شوق، بحكيه عن فضل المنطقة ونضالها ضد المستعمر الفرنسي من خلال استحضار معركة الهري بقيادة موحا أوحمو الزياني.
كان كل شيء على ما يرام على ضفة البحيرة، لكن تأخر شمس في الغابة أدى إلى خوف الوالدين و غضبهم ، مما أدى إلى قرارهم بالعودة إلى مدينتهم في الحال ، كان محسن لم يتخلص من غضبه بعد ، فكان لا يشعر بسرعته أثناء السياقة، وفجأة ! وجد نفسه الوحيد على قيد الحياة . 
رواية على ضفاف البحيرة لمصطفى الغتيري توثيق لجمالية المنطقة ولدورها النضالي، محفزة أيضا لكل حزين، أن لا يعير اهتماما للماضي وأن يمضي في مستقبله محاولا التغيير ، فلا شيء سيدوم إلى الأبد . 

*على ضفاف البحيرة - رواية - دارالنايا - سوريا 2012
من مؤلفات الكاتب:
هواجس امرأة - مجموعة قصصية - منشورات وزارة الثقافة - 2001.شيء من الوجل - مجموعة قصصية - دار القرويين 2004.مظلة في قبر - قصص قصيرة جدا- منشورات القلم المغربي 2006."رجال وكلاب "- رواية - منشورات إفريقيا الشرق 2007.تسونامي - قصص قصيرة جدا - منشورات أجراس - 2008.عائشة القديسة - رواية - دار النايا - سوريا 2008.ليلة إفريقية - رواية - أفرقيا الشرق - 2010.رقصة العنكبوت - رواية - دار النايا - سوريا 2011.ابن السماء - رواية - دار النايا - سوريا 2012."أسلاك شائكة (رواية) دارالوطن المغرب 2012 و دارالنايا سوريا 2013.تراتيل أمازيغية - رواية - دارالنايا - سوريا 2013.زخات حارقة - قصص قصيرة جدا- 2013."امرأة تخشى الحب( رواية) دارالنايا سوريا 2013."ربيع تونس رحلة الإنسان و الأدب ( رحلة) دارالنايا سوريا 2013.تأملات في رحلة الأدب - مقالات أدبية - دار الوطن- المغرب 2013.حب وبرتقال سيرة روائية دار النايا سوريا2014.حسناء إيمزورن - رواية- دارالنايا سوريا 2014.سحر المساء- قصص- دار النايا سوريا 2014.الأدب في خدمة التربية- مقالات تربوية- دار الوطن 2014.الأطلسي التائه-رواية- دار الأداب -بيروت 2015.مناررات - مختارات من القصة المغربية الجديدة - منشورات الزمن 1999.أنطولوجيا القصة المغربية - منشورات وزارة الثقافة 2005.