أولا ساتناول موضوع اختيار الغربي للأسماء
 

مرداس: هو ما تردى وسقط وفعلا كان سقوط الشيخ مرداس مدويا مع كل انكسار له
فقد مات ابنه عنصيف مقتولا بظلمه واعتدائه على النساء
وابنه جبار كان مصيره مقتولا بيد والده مرداس
وزوجته فاطم خانته
وزوجته شبرقة وضعت له السم ثم ماتت به
وطليقته عيشه تزوجت عدوة الزيدي
وابنتيه تم قتلهما بسبب علاقتهما مع حارسين في الحصن
أي تردي هذا لقد انطبق اسمه عليه وعلى حياته

شنهاص هو أحد الفارين من بطش مرداس وابن عمه
ليس لشنهاص معنى حسب ما بحثت لكنه مشتق من شناص وهو المتعلق بالشي
وقد تعلق هذا الرجل بزوجته وابنته اللتان تم سبيهما لتعملا خادمتين في حصن مرداس
تعلق قلبه بهما وأراد لقاءهما وبذل في سبيل ذلك الكثير لكن للأسف كان لقاءه بابنته مجرد لقاء مع جثة وقد أصابها جنود مرداس بالرصاص

عنصيف: هو نبتة يستعملها اليمنيون كتابل ونكهة للسحاوق (معجون فلفل وكزبرة وثوم)
وكان عنصيف فعلا مجرد تابل أضاف احداثا تعزز طبيعته القاسية التي تربى عليها على يد ابيه وإباحة الظلم والتسلط باسم المشيخة
كما ترك عنصيف في الرواية وريثة تشبهه شكلا ولا تشبهه اخلاقا عندما كان يختلي بالخادمة حمامة

زهرة:ابنه العلاقة الغير شرعية بين عنصيف وحمامة التي كانت حمامة رحلت سريعا من الأحداث بعد أن قتلوها في ساحة مرداس جلدا
زهرة التي تفتحت في الرواية كالشي الوحيد الجميل وسط الكثير من الدمار والرغبة في السلطة والاطماع التي اعمت الجميع
نصف خادمة تعرف كيف تعيش يومها ليكون عيدها ونصف ابنه شيخ لتعرف الجانب الجيد من الحياة بسبب بياض بشرتها

شبرقة : ومعناه الرقة والضعف والقلة وهي زوجة مرداس الأولى
وكم كانت قلة حيلتها أمام جبروت مرداس الذي نصحته مرارا بضرورة إيقاف الظلم تجاه الرعية والأخدام دون فائدة
وبسبب ظلمه خسرت ولديها في حرب اطماعة ورغباته التي لا تنتهي بمد نفوذه

قارون: تقول الآية 79 في سورة القصص عن قول الناس ورأيهم في قارون (انه لو حظ عظيم)
لم يكن لقارون الرواية حظ من المال بل كان فقيرا هاربا من الحصن مع من فروا إلى الغابة للنجاة بحياته ، بعيد عن أمه وهو وحيدها، يتيم الأب بعد موت والده في الحصن عندما دافع عن انتهاك عنصيف لشرف خادمة
لكن قارون كان حظه في قوته المدفونة في داخله
رغبته في الحياة والحرية .
كان بين نارين عند فراره من الغابة نار شنهاص المرتدي لعباءة الدين والذي يضعها سيكينا على الرقاب لاتباعه وبين عرام الذي يسعي للتحرير وعيش ملذات الدنيا والقات والسهر

شادن:ومعناه المغنية
كانت شادن ابنته شنهاص وجارية في الحصن وهي من اوكلت اليها شبرقة مهمة العناية بزهرة
كانت شادن تشدو بالقران وقامت بتعلمه لزهرة دون معرفة أحد.

غالبا ما يلجأ الكتاب إلى ورقة الأخدام الرابحة لكسب تعاطف القارئ فمن سيمثل دورا أفضل عن المظلومين والتمييز العنصري أكثر منهم
لكن الغربي جعل في غرور البيض نقطة ضعف جعلتهم عبيدا لها وهي شهوة الجسد.
فكانت شخصية زهرة هي الوسطية وراية التسليم باننا جميعا سواسية وماهي إلا ألوان خارجية تصبغ الأجساد وفي الداخل جميعنا بشر
نحب ونكره ونخطئ ونحلم ...
لقد نفذ الكاتب من فخ كان يمكن لأي كاتب أن يقع فيه وهو فخ المتوقع.
فلو انه جعل زهرة تصل بطريقة أو بأخرى إلى أحد أبناء مرداس وتتزوجه أو يقيم معها علاقة وعندها يظهر أحدهم ليفجر المفاجأة بأنها ابنه عنصيف لو فعل الكاتب هذا فإن 50% من القراء إن لم يكن أكثر كانوا سيتنبأون بهذا لكنه جعل كل الشهود على الحقيقية يدفنون بالسر وهي شبرقة أم عنصيف وعنصيف.

الرواية ارتكزت على رسائل واضحة منها ظلم وتسلط المشايخ والمشاحنات والبغضاء بين أخوة الوطن الواحد لأجل الأحقاد
واستخدام سلاح الدين لغسل أدمغة التابعين لأن الدين هو اكثر ما يمكن به قيادة عدد كبير من الناس بواسطة فكرة ممنهجة مرتكزة على عقيدة.
وتم تمييز أفراد شنهاص بزيهم القصير وشكليات دينية وقلوبهم فارغة من الحب لله والمعنى الصادق للإسلام
ليتاقل فريقان هما أنصار السنة وأنصار آل البيت والسخرية في أن كلاهما يتبعان نفس الدين وحربهما مبررة بدوافع دنيوية مقنعة لكل طرف

هناك جانب حقيقي جدا في رواية الغربي وهو الإنسان المتغير بطبيعته حسب ما يجري له من ضغوط حياتيه
لنأخذ مثلا فاطم:
هي زوجته الثالثة التي حملت كثيرا وسقط جنينها مرارا وظن أن بها أرواح شريرة تترصدها وانعزلت في جناحها تقرأ القران وتعتزل الجميع .
عندما تعلم فاطم أن زوجها لا يمكن أن ينجب تطلب من والدتها الطلاق لكن مصالح والدها كانت مرتبطة بهذا الزواج لذا تبقى مرغمة في الحصن وينتهي انغماسها الشديد في الدين إلى أن تحمل من أحد الحراس وتموت ببقر بطنها وقتل طفلها بعد أن شارف على الخروج إلى الدنيا وأكتمل في بطن أمه .

التحول في شخصية قارون الذي كان مطيعا لشنهاص ومحاربا فذا ضد مرداس ليعيش حياة الطيش بعد زواجه من زهرة يعزف بالمزمار وهو يعرف ان مكانته كابن شيخ تمنع هوايته هذه ويشرب الخمر مع زهرة التي تغني في سهرات حول النار في درم الاخدام
يعيش في كوخ اخدام مع زوجته قانع بقانون الاخدام (يومك عيدك) بعد أن كان التخطيط للمستقبل والانتقام من الظلم كل همه

اعجبني اهتمام الكاتب بالجانب الإنساني لبعض الشخصيات ولو لم يفعل هذا لعتبت عليه بأنه أظهر الشخصيات كوحوش
فقد أظهر الجانب الابوي اللطيف في شنهاص
وجانب العاشق القديم لشنهاص الذي لم ينسى حبه لعمادة التي درست في التحفيظ معه وظل يسأل عنها ويمدها بما تحتاج حتى بعد زواجها حافظا عهد المودة بينهما
وكانت هي بئر اسراره وهو يزورها ليحكي لها عن شوقه لابنته وبحثه عنها.

والجانب اللطيف في مرداس مع حفيدته زهرة وبعض المشاهد مع بناته
لتكون دائما من المسلمات أن تحت كلهم قناع وحش هناك انسان ما.

نعود الى التحول في الشخصيات فقد خرجت عن الموضوع لاني اكتب في الفيس مباشرة
التحول في شخصية شبرقة من زوجة ضعيفة خانعة إلى امرأة جريئة قادرة على قتل زوجها الظالم ثم في ثوان أن تشرب السم دون خوف أو تردد بعد ان افسدت زهرة خطتها بأن صرخت أمام مرداس أن العصير مسموم وهي طوال الرواية ضعيفة أمام مرداس ومظلومة .

الخط الزمني للرواية بدء من الحاضر ثم عاد للماضي حتى وصل إلى حدث البداية لتستمر الرواية وتنتهي بعودة جمال ابن مرداس الذي سافر لمصر وكان الغربي يبعث لنا جمال عبدالناصر من جديد لياتي الي اليمن ويقوم بثورة كان رموزها الدبابات واسلحة كلاشنكوف تضرب على طرفي المعركة بين انصار آل البيت وأنصار السنة
وكأنها ثورة اليمن ضد الامامة
و المذهبية والتمييز
لكن بعد طلقات المدفع يختفي جمال دون أن يعرف أحد أين ذهب
وينقسم الجموع بين فريق يطالب عيشه أم جمال بمواجهه الخطر حتى يظهر جمال ابنها
بينما يرفض الفريق الآخر مستشهدين بما يناسب عقليتهم الذكورية من حرمة تولي امرأة لأمرهم
لتبقى الدبابة مجرد بيوت للعنكبوت كناية عن حقيقة أن الثورة لم تكتمل ولم تكن بالقوة الكافية ربما لعدم وجود الرغبة الحقيقة من الرعية لإصلاح الوضع ونزع الرغبات الشخصية من قلوبهم وتفضيل الوطن
واختفاء جمال هو اختفاء للحق والنصر ومالدبابة إلا ذكريات وأحلام صدئة لم يتم احيائها وتركت لتموت وتتعفن .
أين اختفى جمال ؟
ربما قتله أحد الفريقين لتبقى المعركة قائمة وتبقى سلطة الدولة مغيبة والحكم للأقوى بشرع الشيخ والقبيلة .