23 سبتمبر2018
 

وقفت انتظرابني في المنعطف الكائن في الشارع القادم إلى شارع الخمسين وبالتالي إلى الحي الذي اسكن …

في الركن المواجه لحركة السيارات وقف بين يديه صحن البيض (( البيض البيض ))، كانت السماء لحظتها ترسل اشعتها القوية تلهب الرؤوس ….البيض ..البيض ، لم يلتفت احد ، السيارات تنهب الاسفلت ذاهبة آيبه ، وثمة دراجة نارية تحرث الارض غيرآبهة بالبيض ولا بصاحب البيض ولا بالماره ، قائدها على كتفه كلاشينكوف يستمع الى اصوات مزعجه من المسجله ، يختفي ويعود اكثر انتشاء بتلك الاصوات !!!..

أنا اراقب الشارع ، عيني مركزتان على صاحب البيض ، ثمة قميص شبه ممزق يرتديه ، الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهرا، اصوات المؤذنين تتداخل مع اصوات السيارات وصوت المنبه المميز لبائع الايسكريم يشارك في الزفه ، والبيض لم ينقص حبة واحده …..

فجأة يقف طقم من هيئته يبدو انه يتبع البلديه ، ينزل احدهم : مالك ماتسيرالسوق ، جالس توسخ الشارع ، - والله يافندم ما وسخت ، أنت تشوف الشارع نظيف ، - هيا اطلع فوق الطقم ، يمد يده إلى الصحن : ها يافندم اطعم وقشرها واعطاه ليزدردها خلال جزء من الثانيه ، - زيد يافندم الثانيه : اسمع يا ابني مره ثانيه لاتبيع هنا ، بدى صوته مخنوقا بسبب البيضة الثانيه ….

حركة السيارات اشتدت بسبب خروج التلاميذ من مدرسة على المنحنى القريب من فندق قريب وعلى وجوه السائقين بدت العصبيه واضحة للعيان ….
البيض لم ينقص من الصحن سوى ماازدرده صاحب الطقم فيم اشعة الشمس تلتهم ماتبقى ، والذاهبين الآيبين لايشترون والاحمراركلما مر الوقت يزداد شراهة على وجه البائع وأنا اراقب كل شيىء …

التفت نحو باب المدرسة وسيارتين علقتا ببعضها ، اعود بنظري إلى حيث البيض لافاجأ بأن البيض كله افترش الارض ، والبائع ينظربالم الى بيضه فقد تكسر معظمهن …..

تركت السياره واتجهت اليه لاساعده ، كان هو قد لمحني اراقبه ، أول ما اقتربت منه نظر إلي بخبث : رح لك مالك دعوه ، مددت يدي وبخفة إلى جيبي ،- قلت لك رح لك ...عدت إلى السيارة اراقب ...كان نجلي قد عاد فطلبت إليه الا يتحرك …
وقفت السيارة الاولى ، نزل قائدها : مالك يا ابني من فعل بك كذا ومد يده إلى جيبه ودس في يد البائع مابدى انها ورق ابو خمسمائه …
السياره الثانية والثالثة والرابعة وكلهم يبدون استنكارهم وشجبهم ، يدخلون ايديهم في جيوبهم ويدسونها في جيب صاحب البيض …
ادخل يده في جيبه وبدى على وجهه علامات الرضى ، مر بجانبي وتبسم : ابسرت على شعب ، من الصبح ولا رضي واحد يشتري ، ذلحين الجيب امتلأ حلال الله زلال …ومن بكره ابشركل يوم في شارع…..

نظرت إلى وجهه طويلا : طيب والصحن في الشارع !! - عادك طيب يجي صاحب البلديه الكلب ابن الكلب يشله ، إن شاء الله الحبتين البيض يدخلين لا جوفه نار وشرار….ضحكت حتى تعبت ، قلت له : تصلح تكون رئيس حزب ، قال ضاحكا ويده على الجيب المنتفخ : اسيراول اشتري سلته لامي واخوتي ، واشتري قات واخزن وبعدا شافكربالحزب واسمه ...هات يابي هات ….

انطلق يعدوفي الزقاق الجانبي وأنا الحقه بنظري ….
كانت الشمس ماتزال عند الثانية عشره والنصف ظهرا ترسل اشعتها ، ذلك الظل اعلى رأس احد النهدين يراقب كل شيىء …. أنا اردد :

لله الامرمن قبل ومن بعد .