- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
انقسمت صنعاء قسمين: جمعة الساحة، وجمعة الميدان. آخر انقسام لها كان في القرن التاسع عشر الميلادي: قسم مع إمام، والأخر مع إمام؛ ووحدها الأتراك عندما دخلوها في عام 1872م.
جمعة الساحة وجمعة الميدان، كلاً يغني على ليلاه، الصدى. يقال وجهان لعملة واحدة، إذا تلون أحدهما، فالعملة باقية. ويقال إرضاءُ لجمعة بعينها وهما اثنتان. والطبع يغلب التطبع، لعلها مناسبة لطمس الوجه الآخر. وإذا التطبع غلب الطبع فتلك معجزة من فعل الجمعة، الجمعة بعينها. والمصلحة المشتركة، فإذا لم تغلب فمن يغلب من؟!
فازت ساحتان، كان لهما أب رحيم، والثالثة بدون! حتى كان؛ بيد أن له شريك، قالوا أقوى، ربما. المعضلة بعينها، ولكل معضلة حل، حلها الأتراك، فمن يحلها بعد مائة وأربعين عاماً؟ نسمع ضجيجاً، ومبادرات، ولا نرى أفعالاً؛ كأن ما في الجعبة قد استنفذ.
والساحة بعثتها ساحتان فائزتان فالحال واحد، ومختلف: الفائزتان نظيفتان من أي شائبة، والأب الرحيم. (واللي شبكها يخلصها)، ما كان أسهله، الحل، لو أراد.
من يحلها؟ المعضلة. العقدة. سؤال تتبادله الألسنة: في المكاتب، المقايل، الشوارع، البيوت، الفضائيات، على ورق الجرايد، الحمام، سرير النوم؛ والأجوبة كثيرة: نظرياً نعم، وعملياً لا حتى تاريخه. تعطل كل شيء ساد السؤال.
وضجيج الجمعتين! آخرهما جمعة الحوار، وجمعة الإصرار. ولعل الأخريين تنتظر، سيكون لهما حينئذ اسمان جديدان. ربما حتى يكون الحل. الثمن فادح، عندما يكون العناد أغلى من الوطن. التاريخ خالد، والحاضر لا معنى له، إذا كانت صفحته سوداء.
والحل الأخير، الحل المخيف، لن يبقي ولن يذر. لا غالب، ولا مغلوب؛ هكذا يقول التاريخ، وتجارب الآخرين. والعودة إلى السؤال من جديد: ما هو الحل؛ ثم من يحلها؟
الكآبة، والضيق، كأنهما خيمة حلت على الناس. وسعيد واحدا منهم. لم يعد سعيداً، فأطلق على نفسه: (طفشان. زهقان. ضنكان. حيران. ندمان. خبيلان). لم أكن أعرف، ناديته: يا سعيد. لم يرد. الحيت، ولم يرد. سألت، وسألت، وعندما أدركت الإجابة كان لي أن أناديه بواحد من تلك الأسماء. اخترت طفشان، من كان بعده كان طفشاناً، هكذا ظننت.
التقي به مصادفة، أغلبها في الشارع الرئيسي القريب من بيتي وبيته؛ جالساً على كرسي من كراسي القهوة، أو يتصفح الصحف القريبة منها. همس بإذني صاحب المكتبة (ذات مساء):
- يتصفح ولا يشتري!
استطرد (مغتاظاً):
-كأنه ينهبني! زهقان منه، لكن ما أعمل؟ وعلى عيني أصبر. أطنش.
وإذا قصدت الشارع، لابد أن أمر على القهوة، إذا لم أجده أبحث عنه في المكتبة. أحببته، وارتاح لحديثه. قال ذات يوم:
- كأنها غلطة، المدينة السكنية التي تبناها أحمد جابر.
- غلطة وقد استفاد منها كثيرون، وأنت منهم.
- لأنها لم تتكرر!
واستطرد ضاحكاً:
- وغلطتي الوحيدة، ليس معي غيره بعد ثلاثين سنه عمل.
انطلقت إلى الشارع، أطلقتني المفاجئة التي أحملها، سأناديه باسمه الجديد. لم أجده في القهوة، ولا المكتبة. سألت صاحبها. ضج بالضحك، ثم قال:
- ألم تسمع بأسمائه الجديدة!
ثم همس بإذني:
- ما عاد ناش زهقان. يتصفح كما يشتي.
قتل المفاجئة. تركته خائباً. أذرع الشارع بخطوات الخاسر. خطوات بطيئة وكأني لا أريد أن أعود إلى البيت، العودة الخائبة. وفجأة لمحته جالساً على رصيف الشارع المقابل؛ فجأة فكانت المفاجئة، لم أجده جالساً على رصيف قط. قتلها البائع وأحياها الرصيف. قطعت الشارع منطلقاً، أطلقتني المفاجئة الثانية. وقفت أمامه لاهثاً، كان مطرقاً. لم يحس بوجودي كان منهمكاً بالتفكير. وبعد أن استرددت أنفاسي، قلت ضاحكاً:
- مساء الخير، يا طفشان.
أفزعته. لمحني بطرف عينه، ثم قال ساخراً:
- خير وقد أفزعتني. وقطعت حبل أفكاري...
لمحني بطرف عينه؛ مبتسما، ثم قال:
- جيت في وقتك! أنا الآن حيران. أفتش عن إجابة للسؤال: ما هو الحل؟، ثم من يحلها؟
مستطردا:
كان الحل في القرن التاسع عشر هو استبعاد ونفي الأئمة المتصارعين، ومن حلها! حلها الأتراك... اجلس إلى جواري.
تململت، يبدو الرصيف غير نظيف. جذبني من يدي، وهو يقول:
- لا تخاف على بنطلونك، فنحن في الهم سوا.
جلست. أطرق مطمئناً. لحظات، ثم قال:
- أما جمعتي اليوم فقد كان اسم الأولى: جمعة الإصرار، والأخرى جمعة الحوار. إذاً يا صاحبي القاسم المشترك بينهما هو الإصرار! كلاهما مصر. إذاً فقد أجبت على السؤال: أنه الإصرار...
لكزني، ثم قال: فمن يحلها؟
أطرقت، أداري مشروع ضحكة أخرى. إجابة طفشان، الهارب من الطفش إلى السخرية؛ إلا أني معه تحت خيمة واحدة . تذكرت! انفجرت ضاحكا، الساخر من نفسه: طفشان وكل الكلمات المرادفة.
رمقني ساخراً، ثم قال:
- كلنا في الهم جمعة. من يحلها؟ ساعدني.
رمقته بنظرة جادة، ثم قلت:
- الميدان مصر على الحوار، والساحة مصرة على الاعتصام حتى يرحل، فمتى كان إذاً الإصرار قاسماً مشتركاً؟
رمقني بنظرة حائرة للحظات... بز نفسه، وهو يقول:
- وجدته. وجدته. القاسم المشترك: الرحيل.
جذبته من يده. جلس. رمقني مبتسماً، ابتسامة الانتصار، وجد القاسم المشترك.
- رحيل من؟
- كلهم.
- (زيـق ميـق لا إله إلا الله)
رمقني بنظرة تبحث عن شيء ما، ثم قال:
- لم يبقَ إلا أحنا. نرحل نحن.
- خج... بج... ارتفست وأنت أرحم الراحمين.
انفجر ضاحكا، حتى دمعت عيناه. طفشان يبحث عن الضحك. ضحكة من القلب. قبلني في رأسي، ثم قال: أضحكتني... الله يحفظك.
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر