- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
يوريبيديس: "أكره السياسي الذي يكون بطبعه بطيئاً في نفع وطنه، سريعاً في إيذائه، نشيطاً من أجل نفسه، خاملاً من أجل المدينة". من مسرحية الضفادع، تأليف أريستو فانيس، وتأتي الجملة في سياق مناظرة بين الكاتبين المسرحيين العظيمين (أيسخولوس) و(يوريبيديس).
عام 100 بحسب التقويم البابلي
إحدى عشرة قافلة قادمة من الشمال اُحتُجِزتْ في منفذ (غزة) الحدودي، ولم يُسمح لها بالعبور إلى مصر.
ليس تحاملاً، ولكن الحقيقة يجب قولها: المصري، قائد حرس الحدود الشمالية، المعروف باسم (تناح رامبا) كان الرجل الأكثر بطئاً على مر العصور.
حقاً؟! ربما هذا ليس من شأننا، إنه أمر يخصه هو فقط. ولكن بالنسبة للكون الذي نحيا فيه، فإن الأشياء متصلة ببعضها، ويمكن لرمشة عين أن تُحدث فرقاً وتُغيّر تاريخ العالم.
(تناح رامبا) كان يستغرق ثلاث ساعات للوصول إلى المخفر الحدودي، مع أن القلعة المستديرة التي يخلد للنوم فيها لم تكن نائية، والراجل النشيط يمكنه أن يقطع المسافة في إحدى عشرة دقيقة بكل سهولة.
كانت لديه مشية غريبة: يخطو بقدمه اليمين خطوة واحدة، ثم يرتاح وينظر للأمام مستنشقاً أكبر قدر من الهواء. وبعد عدة ثوانٍ يدق الأرض بعكازه ثلاث دقات حازمة، يُحملق في المسافة التي ستقطعها قدمه اليسرى ويلوح في وجهه التردد، ثم يسحب تلك القدم العليلة زحفاً على التراب، على ثلاث دفعات، من دون أن يرفعها مطلقاً.
كانت هذه عادته التي ابتكرها بنفسه للتنكيد على الراغبين في دخول مصر! وزيادةً في تنغيصهم لم يكن يمكث إلا قليلاً، ثم يغادر إلى داره على متن عربة خفيفة يجرها جواد أصيل.
يتداولون وراء ظهره أنه يَمُتُّ بصلة قرابة للملك.. وأن دماً ملكياً يجري في عروقه.
كان في الخمسين أو أقل، نحيلاً، أشيب شعر الرأس، ويبدو أكبر من عمره، ومن يراه وهو لا يعرفه يظنّه قد أوفى على المائة عام.
جاريته السوداء كالكحل، المجهولة الأصل، كانت تحلق له وجهه كل صباح، وتُطرّي بشرته بزيت اللبان، ورغم ذلك لم يستعد جلده رونقه، ولا تمكن من الظهور بوجه مُنعّمٍ يبوح بمقامه العالي.
قبل بضع سنوات تناول كبداً مسموماً في (بئر السبع). لقد نجا من الموت، ولكنه لم يشف تماماً، وترك السم حول شفتيه وذقنه بقعة في سواد الفحم مجعدة بحبوب حمراء ملتهبة. وبين الحين والحين كان يعاني من تشنج عضلات جسمه فيعجز عن الحركة أو النوم.
يصر (تناح رامبا) على أن البابليين هم الذين سمّموه، ومن غيرهم لهم مصلحة في قتله؟؟
تحذيراته لم يصغِ لها أحد، ثم أثبتت الأيام أنه على حق، فقبل شهر واحد، لقي الملك حتفه مسموماً.. وما يزال التحقيق جارياً لمعرفة المتورط أو المتورطين في قتله.
كان (تناح رامبا) على يقين تام بأن شبكة من الجواسيس البابليين هي التي نفذت عملية اغتيال الملك بالسم.
لقد أصدر وعلى مسؤوليته، ومن دون الرجوع إلى العاصمة الثكلى المضطربة، قراراً بمنع البابليين والأقوام التي تخضع لسيطرتهم من دخول مصر.
برّر قراره بأنه إجراء وقائي لحماية مصر من تسلل الأعداء إلى أراضيها.
قرب منتصف الظهيرة قعد (تناح رامبا) على كرسيه خارج المخفر الحدودي، ليُدفّئ نفسه بأشعة الشمس. رياح باردة كانت تهب من البحر، وسحب متناثرة تشبه بتلات الزهور أخذت بالدوران حول نفسها منبئة بأن ثمة عاصفة شتوية ستهجم من خلف الأفق. كان صاحب القداسة (بارسيس) في انتظاره وقد أدمى شفتيه من شدة القلق.
غطى القائد (تناح رامبا) بكفه على البقعة التي تشوه وجهه:
- ماذا يريد خادم الرب؟
جفف الكاهن (بارسيس) العرق المتصبب من جبينه:
- حدثٌ جللٌ يا جندي آمون.
- أنا أسمع.
- صباح اليوم ونحن نصلي، طاف طائر أبو منجل المقدس في المعبد.. لقد أمضيتُ ثلاثين عاماً سادناً لبيت آمون في غزة، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر.
رد (تناح رامبا) ساخراً:
- هل سأموت؟!
ابتلع الكاهن (بارسيس) المزحة وتابع كلامه بكل جدية:
- إنها علامة من الرب أمون.. علينا ألاّ نتجاهلها.
تململ (تناح رامبا) في جلسته:
- أنت أعلم مني بهذه الشؤون.
- لقد تتبعتُ رسول الرب بعد خروجه من المعبد، ورأيتُ أنه حط هناك (أشار بسبابته تجاه الشرق) على سنام جمل من جمال قافلة الإسماعيليين.
علق (تناح رامبا) هازلاً:
- لعله حسبهم جرذاناً هاها!
انتفخ عرق في منتصف جبهة الكاهن (بارسيس) وحاول التظاهر بالهدوء:
- أرجوك، أرسل معي الجنود لتفتيش القافلة.
وافق (تناح رامبا) على طلبه، وأرسل معه فصيلة من الجنود.
***
توافد التجار المصريون على (غزة) وعرضوا أسعاراً بخسة ثمناً لبضائع القوافل المحتجزة. بعض القوافل باعت وارداتها على مضض، وبعضها قفل راجعاً إلى بلاده رافضاً البيع.
وتبقت قافلة واحدة لم تحسم أمرها، تلكأوا في الرحيل، وفي الوقت نفسه ساوموا على بضاعتهم بشراسة، إلى أن انفض السماسرة المصريون عنهم.
وهم يتغدون، أحاط بهم الجنود النوبيون الأشداء، وأظهر لهم صاحب القداسة (بارسيس) أمر التفتيش المختوم بختم قائد حرس الحدود الشمالية.
تولى (بارسيس) التفتيش بنفسه، وسلّم له الإسماعيليون جوالقهم ليفحصها، فلم يجد فيها شيئاً غير عادي. تبين له أنها تحوي الحمولة المعتادة من البخور العالي الجودة، والقرفة والمر واللبان وغيرها من الطيوب النفيسة، التي تتلهف المعابد للحصول عليها، ويشتريها الأثرياء بأسعار باهظة للتمتع بأسلوب حياة مُرفهة.
ظلّ صاحب القداسة (بارسيس) يحوم حول القافلة رافضاً المغادرة، تاركاً الإسماعيليين على أعصابهم. كان يبحث عن شيء هو نفسه لا يعرف ما هو.. إنه متأكد فقط من أن الشيء الذي يبحث عنه موجود هنا، ولكنه عاجز عن إيجاده.
طلب محادثة سيد القافلة، فبرز له شيخ جليل له لحية كلبدة الأسد ونظرات متوثبة براقة.
تأمله صاحب القداسة (بارسيس) برهة ثم تحدث معه باللغة الآكادية بلهجة بابل:
- من أين أتيتم؟
- من مكة.
- سمعت عنها.. والآن وقد مُنعت من دخول مصر، ماذا أنت فاعل؟
- سنرابط هنا حتى تأذنوا لنا بالدخول.
- إنك عنيد.. هل تقبل أن أُساعدك؟
- هل تقدر؟
- يمكنني أن استخرج لك أمراً من قائدنا يستثنيك من قرار المنع.
- حسناً تفعل.. وأنا أعدك بأن أُعطيك العُشر من كل شيء تحمله إبلي.
تبسم صاحب القداسة (بارسيس):
- إنما أفعل هذا دون مقابل.
تحيّر الشيخ البدوي وأخذ الشك يُراوده.
أشار صاحب القداسة (بارسيس) إلى طفل مضطجع على جانبه، متدثر بالنوم، والنحل يئز حول رأسه:
- هل هذا الغلام مريض؟
- لا، ولكنه منهك من السفر.
- يا لقسوة قلوبكم.. إنه ولد صغير لا يقدر على تحمل عناء السفر.
- هذا الفتى وجدناه مطروحاً في البرية، جائعاً وعارياً، فأطعمناه وكسيناه، وحملناه معنا.
اقترب صاحب القداسة (بارسيس) من الطفل النائم وراح يتفرس فيه.. ثم جسَّ جبينه:
- إنه محموم.. سأرسل له دواءً.
صمت سيد القافلة، وانشغل ذهنه بتخمين ما يسعى إليه الكاهن.
ابتعد صاحب القداسة (بارسيس) خطوة واحدة وهو يلاحظ أن النحل لم يعجبه اقترابه من الطفل:
- أهو كنعاني؟
- لا، عبراني.
- كأني رأيتُ طائراً حط هنا؟
- صدقتْ، طائر أسود الرأس، أبيض الجناحين، أطراف ريشه مُسودة كأنه غمسها في حبر.. أهو طائر يجلب الحظ السعيد؟
نقر صاحب القداسة (بارسيس) رأسه الصلعاء بأنامله:
- أعتقد ذلك.
***
تحت جنح الظلام، تسلل رجلٌ مجهولٌ إلى دار (تناح رامبا) الحصينة المبنية كقلعة.
تهامسا وهما يتداعبان:
- ما الجديد؟
- كبير كهنة آمون زارنا الليلة.
- الشيطان بارسيس! ماذا قال؟
- طلب من سيدي أن يمنح إذناً خاصاً للقافلة الإسماعيلية بدخول مصر.
- ها.. وهل وافق سيدك؟
- نعم.
(صمت).
- بماذا تفكر؟
- أفكر في سر اهتمام الشيطان بارسيس بهذه القافلة.
- سمعته يتحدث عن إشارة من الرب آمون.. وعن طفل سيكون له شأن.
- هكذا..
(ينهض من فوقها).
- ماذا دهاك؟
- هيا.. ليس لدينا وقت نضيّعه.
***
وصل القائد (تناح رامبا) وقد بدأ الجنود بتناول وجبة الغداء. توقع أن يجد صاحب القداسة (بارسيس) أمامه.. سأل عنه، فقيل له إنه قد خرج في أعقاب القافلة الإسماعيلية. خرجت منه زفرة ارتياح، إذ علم أن قافلة البدو قد يئستْ أخيراً ورحلت بعيداً عن حدود مصر.
أخبره نائبه أن القافلة الإسماعيلية تم ترحيلها تنفيذاً لأوامره، فاستغرب، وقال إنه لم يُصدر أمراً كهذا! لكنه صُدم، وتدلّى فكه القبيح الذي أحرقه السم إلى أسفل، حين أراه نائبه ورقة البردي المختومة بخاتمه.
بسبب بطئه وتردده لم يقم بأي إجراء، ولم يدرك أبعاد المؤامرة إلا عندما عاد إلى داره، واكتشف أن أمَتَهُ المُقرَّبة قد اختفتْ.
في اليوم التالي رفض مقترح نائبه بإرسال الجنود لاسترداد القافلة الإسماعيلية. واكتفى بانتظار عودة صاحب القداسة (بارسيس).
لم يكن يعلم أن الأخير قد تدحرج رأسه عن كتفيه ولم تعد لديه النية للعودة أبدًا.
***
عام 128 بحسب التقويم البابلي
بعد هلاك 80% من المصريين في المجاعة، تمكّن جيش بابل القوي من بسط سيطرته على مصر.
العشيرة الإسرائيلية أُبيدت في ظروف غامضة.
تمكن المهندسون البابليون من محو مصر من الخارطة نهائياً، عن طريق تحويل مجرى النيل من الشمال حيث كان يصب في البحر المتوسط، إلى الغرب ليصب في بحيرة تشاد.
عام 1000 بحسب التقويم البابلي
بعد قرون من الجهود الهندسية الجبارة، وبسواعد الملايين من العبيد، مياه النيل تتصل بنهر السنغال وتصب في المحيط الأطلسي.
البابليون يتابعون توطين الشعوب الآسيوية على ضفاف النهر الأعظم.
عام 2000 بحسب التقويم البابلي
البابليون يكتشفون العالم الجديد.
عام 3000 بحسب التقويم البابلي
المهندسون البابليون يغلون مضيق جبل طارق، ويتمكنون من ردم البحيرة العظمى، وقارتا أفريقيا وأوروبا تصبحان براً واحداً.
عام 3800 بحسب التقويم البابلي
لم يسمع أحد بالأديان التوحيدية. عبادة الإله مردوخ هي السائدة. معابده منتشرة في قارات العالم السبع – اكتشف البابليون القارة السابعة القابعة تحت مياه المحيط الهندي وجعلوها صالحة للاستيطان البشري - وداكار هي العاصمة الروحية للعالم.
عيد السنة الجديدة يأتي في الربيع، حيث تحتفل البشرية بطقس مجامعة الإله مردوخ لإحدى الكاهنات.
أوروبا يسكنها البرَّاخيون، وهم شعوب مهاجرة من العالم الجديد. وكتب التاريخ تخلو من أيّ ذكر للإغريق أو الرومان.
عام 3900 بحسب التقويم البابلي
الحضارة الأزتيكية تصل إلى ذروة تطورها التقني، وترسل أول إنسان إلى سطح القمر.
عام 4000 بحسب التقويم البابلي
بسبب الفوضى الإلكترونية، تحدث ثغرة في القمع الزمكاني للكون الرباعي الأبعاد، ومخلوقات غامضة تنفذ من الثغرة، وتزعم أنها الجنس الأقدم الذي استوطن الكوكب. يُسمون أنفسهم: "القادمون لاسترجاع الأرض من البشر".
عام 4011 بحسب التقويم البابلي
فناء الجنس البشري، وهيمنة مخلوقات أكثر ذكاءً وأشد شرًا.
منقولة من ضفة ثالثة ...
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر