الاثنين 18 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الجمعة 15 نوفمبر 2024
اليمن..تشييع منظومة مكافحة الفساد
الساعة 22:42 (الرأي برس-نبيل الشرعبي)

في اليوم العالمي لمكافحة الفساد لم يكن هناك ما يستحق الاحتفاء، وفي المقابل كان هناك داعٍ لتشييع منظومة مكافحة الفساد، إذ كانت هيئة مكافحة الفساد تحتفي بهذا اليوم وسط حضور متواضع في ركن مقصي بأمانة العاصمة.

 وفي موفمبيك كان رئيس الوزراء وثلة من القائمين على مفاصلة حساسة يحتفون لا ندري بماذا؛ هل يعتقد أحد أن من لا يجتمعون على طاولة واحدة في أهم قضية.. سيكون بإمكانهم فعل شيء حيال مكافحة الفساد، إذ في هذا اليوم غاب عن المشهد الرئيس هادي ومدير مكتبه وغيرهم..

جردة حساب

لم يجرؤا على القول أين تقع اليمن ضمن خارطة الفساد العالمي، وإلى أين جر الفساد هذا البلد المنهك بجردة فساد باتت هي الأبرز على السطح، في وطنه اليمن والذي يعيش فيه جراء هذه العاهة، أكثر من 54بالمائة تحت خط الفقر، وباتت البطالة تتهدد نسبة مماثلة.

عزالدين الأصبحي- وزير حقوق الإنسان- لم يجد بداً من الصراخ والقول إن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هي أول صك عالمي ملزم قانونا لمكافحة الفساد وبدأ سريانها في 14 ديسمبر 2005، وكانت اليمن من الدول السباقة للتوقيع على الاتفاقية.

الأصبحي وهو القادم إلى وزارة حقوق الإنسان من دهاليز الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد- في افتتاح ورشة عمل نظمتها الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات ومؤسسة إنجاز للتنمية، بدعم من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة حول الشراكة الشبابية لتعزيز آليات النزاهة والشفافية في ضوء مخرجات الحوار الوطني ضمن "مشروع دعم حقوق الإنسان في المرحلة الانتقالية"، كان المواطن اليمني، الذي دفع كرامته ثمناً لعاهة الفساد- كان ينتظر منه أن يتحدث بصوت عالٍ، على حقه- أي المواطن، والذي سفحه الفساد.

لكن الأصبحي لم يكن عند مستوى الأمل الذي علقه عليه مواطن يمني بائس، يقطر روحه ضوء ليدفع ثمن قرص رغيف، إذ بدلاً من الظهور وكشف أوكار الفساد، ورفع تقرير بفاتورة فساد نهشت الوطن، وهو الذي كان أحد أركان مكافحة الفساد، من خلال شغله منصب بارز في هيئة مكافحة الفساد.

إذ بدلاً من ذلك تخلص من أمل الفقراء، مكتفياً بالهمس الفساد ليس مجرد سلوك خاطئ لكنه جريمة تضعف المجتمعات وتعرقل التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتزيد الفقر والاضطرابات التي تعاني منها المجتمعات وتقوض الديمقراطية وسيادة القانون وانتهاك حقوق الإنسان، وهو ما عده فقراء اليمن، حيلة للتخلص من مسؤوليته، في الكشف عما لم يستطع كشفه وهو في هيئة مكافحة الفساد.

ومع أن الفقراء أكدوا أنهم يعلمون أن ما ظهر به الأصبحي، قد لا يعبر عنه، وإنما مضمون كلمة نقلها، نيابة عن رئيس الجمهورية الذي تغيب عن الاحتفاء بهذا اليوم، بشكل يوحي أن الرئيس هادي، يفتقر إلى الشجاعة التي تجعله، يبرز كرئيس جمهورية، ليكشف عن جردة الفساد التي تنهش البلد.

لكنهم – أي الفقراء، لم يعفوا الأصبحي من تحمل مسؤوليته، وتأكيدهم خذلانه لهم، بتحمله مهمة نقل خطاب ركيك وبمستوى لا يليق برئيس جمهورية، إذ افتقد هذا الخطاب، إلى الاقتصاص للفقراء من بؤر الفساد، وكشف عن خيبة أمل في توجهه نحو تبني مشروع شجاع لمكافحة الفساد.

واستنكر علي الأصبحي نقله عن رئيس الجمهورية، التخلي عن وظيفته كرئيس للبلد، وكصانع وصاحب القرار الأول، والهروب إلى استجداء الفقراء للوقوف ضد الفساد، وهم الذين لا يملكون حق اتخاذ أي قرار، أو موقف في ظل سياسة هشة نزعت عنهم صفة الحق في تقرير واقع ومستقبل البلد.

وتسألوا ما الذي يريده هادي منًا كمجتمع، أن نفعل ونحن قد بُحت أصواتنا، من الصراخ بوقف الفساد، وتغوله في كل مفاصل الدولة، وهو لم يسمع منًا البتة.. هل يريد هادي أن نقوم بدوره نحن الفقراء، الذين لم يجد لندائهم بوقف الفساد، في مجال المشتقات النفطية، غير الهروب من مواجهة المسؤولية، إلى الاقتصاص من قرص رغيفنا.

وأضافوا: كيف لهادي ألا يتوقف عن تسويق العَظات للمجتمع، ومطالبته لهذا المجتمع بتعزيز قيم النزاهة والشفافية، وكأنه _أي المجتمع، هو من يقوم بوظيفة إدارة الدولة، وليس حكومة ومؤسسات دولة يذهب لصالحها كل موارد البلد، فيما المجتمع يزداد كل يوم فقراً، بل لم يعد يتسع الوطن الذي يتربع هادي عرش سلطته، لملايين منه باعوا حياتهم رخيصة لمخاطر التهرب نحو دول جوار بحثاً عن مصدر لتأمين لقمة العيش، وملايين أخرى هاجرت لنفس الغرض.

وأشاروا إلى أن اختصار هادي لمنصبه كرئيس للبلد، في توجيهه للحكومة السابقة والحالية، بتحمل مسؤوليتها تجاه البلد، وترسيخ مبدأ النزاهة والحكم الرشيد وتقديم النموذج المطلوب، يؤكد أن هادي ليس لديه أية نوايا للمشاركة في تحمل المسؤولية.

ناهيك عن أن خطابه هذا، هو نفس خطاب الرئيس السابق، والذي حكم اليمن طيلة 33عاماً، ليغرقها في وحل الفساد والفقر والصراعات، وتقاسم الثروات والموارد، وجرها إلى مستنقع التخلف والجهل والاقتتال ومصادرة كرامة اليمني، عبر اتباعه الذين سخرهم لخدمته مقابل الصمت على نهب الوطن.... إلخ.

واستهجنوا بشدة مطالبة هادي وسائل الإعلام، بتحمل مسؤوليتها في تعزيز قيم النزاهة والشفافية، بدلاً من زف بشرى لها باستصدار قرار نافذ يتيح لها حق الحصول على المعلومة، بمفهومها المتداول عالمياً، وليس بالمفهوم المتداول محلياَ، هذا من ومن جانب أخر تسألوا ما جدوى أن تنهك وسائل الإعلام كل جهدها ووقتها، في الحديث عن قضايا فساد فيما لم نسمع من الرئيس هادي البتة أنه قد فتح محضر أو عقد اجتماع على خلفية، ما تنشره وسائل الإعلام عن قضايا فساد يشيب لها الأطفال.

وذلك لكشف الحقيقة وإقامة محاكمات علنية وعاجلة إما لمن تم النشر حول تورطه في قضايا فساد، أو لمعاقبة الوسيلة التي قامت بالنشر بحجة الكذب والاتهام الباطل، وهنا يكون وضع حد للفساد الذي ينهش البلد، والفساد الإعلامي، على حدٍ سواء ودون تفريق، إذا الجميع سواسية، أما يطالب الإعلام بالمساهمة في هذا المجال، وهو لا يعي أي اهتمام لما ينشر، فهذا تناقض فاضح.

رئيس الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات المهندس عبد الملك العرشي، هو الأخر بدلاً من أن يتحدث كيف تسبب الفساد في تعثر حوالي 906مشاريع، تقدر كلفتها بتريليون وثلاثة وعشرون مليار ريال خلال الفترة من 2088وحتى 13ديسمبر2012، ذهب ليقول أن هناك بوادر لتحول إيجابي في مكافحة الفساد بعد توقيع اتفاق السلم والشراكة وتشكيل حكومة الكفاءات الوطنية.

موضحا أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني مثلت خارطة طريق ملزمة للجميع في مكافحة الفساد .لافتاً إلى أن وسائل وطرق وآليات وأدوات مكافحة الفساد واضحة وعلى جميع مكونات المجتمع الشراكة في بناء يمن اتحادي ينعم بالديمقراطية والمواطنة المتساوية والحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية والمساواة.

وفي المقابل لم يجد حرجا من القول إن مخرجات الفساد كارثية كونه يؤدي إلى ضعف الثقة بالمؤسسات العامة ويلحق الضرر بمناخ الاستثمار، وأن تلك السلبيات والمخاطر تؤدي إلى دولة رخوة وطفيفة بل وفاشلة، وما يؤسف له أن بلادنا تراجعت في هذا المؤشر عالميا وأصبحت في ذيل القائمة عربيا وهو مؤشر على ضعف الدولة ووجود الصراعات السياسية والحروب".

وكان المثير للاستهجان أكثر ما قاله رئيس مجلس الوزراء الأخ خالد محفوظ بحاح، والذي قال إن الفساد هو الانتهاك الأكبر لحقوق الإنسان في العالم، وأن مكافحته هي من صميم النضال الحقوقي المطلوب على كافة المستويات، فيما لم يجرؤا على الوقوف على فساده في مشروع الغاز الطبيعي.

وعلى الطرف الأخر كان رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد القاضية أفراح با دويلان، تحتفي باليوم العالمي لمكافحة الفساد في أجواء توحي باليتم، في أحد زوايا العاصمة صنعاء، مع حضور باهت، ولم يقف الأمر عند هذا، بل تعداه إلى الكشف على تلقي القاضية باد ويلان ضغوط حول مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة.

إذ قالت باد ويلان إن مشروع القانون من أفضل القوانين الحامية لثروات البلد فيما هي كانت في مذكرة سابقة ذكرت أنه يلغي الدستور، وكما جاء في المذكرة تقول الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد: إن مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، باطل ويفتقد للصفة القانونية ولم يكن نتاج تشريعي تخصصي سليم وان تكليف اللجنة التي قامت صياغته وتجهيزه كان مخالفا للقانون وكذلك تكليف اللجنة تم بالتجاوز لمهام الهيئة والاعتداء على وظيفتها.

وأضافت الهيئة بان مشروع القانون هذا ملئ بالثغرات التشريعية وتسبب في إيجاد تعارض بين مهامها وتوجيهات المشروع وانه ركيك الصياغة والمضمون ولا يتلاءم مع قانون مكافحة الفساد والذي يعد هو الأخر وفق تأكيد هذه الهيئة قانون باطل يعتريه نقص واختلالات وصار من الضروري جدا إعادة النظر فيه، كما أنه لا يتواءم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وكذل يتعارض مع هذه الاتفاقية والقوانين المتعلقة بالمنظومة التشريعية لمكافحة الفساد.

وكشفت مذكرة حملت رقم (378/أ) وجهتها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بتاريخ 18/3/2014 إلى رئيس الجمهورية بأن ابرز الملاحظات والاعتراضات على مشروع القانون هذا من قبل هيئة مكافحة الفساد.

وجاء في مذكرتها هذه فخامة الأخ المشير / عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية المحترم، بخصوص موضوع/ مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، نود الإحاطة بان وزارة الشئون القانونية قد قامت بأعداد مشروع قانون لاسترداد الأموال المنهوبة واستصدرت أمرا من مجلس الوزراء برقم 20 لسنة 2014م في 5/2/2014، بتكليف لجنة وزارية من عدد من الوزراء ورؤساء الهيئات والأجهزة الرقابية ورؤساء بعض الجهات لاستكمال مراجعة مشروع القانون من الناحية الفنية والإجرائية.

وأضافت المذكرة وقد وقفت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد على مشروع القانون المشار إليه أعلاه وتبين لها وجود تعارض بينه وبين اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والقوانين النافذة ذات العلاقة وان مشروع القانون ينشئ ازدواجية وتضارب في الاختصاصات مع مهام الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد.

 وأيضاً ينشئ ازدواجية وتضارب في الاختصاصات مع مهام، بقية الأجهزة الرقابية والقضائية ضمن منظومة مكافحة الفساد من جهة واللجنة الوزارية المزمع إنشاؤها من جهة أخرى ونوج لفخامتكم اهم الملاحظات والاعتراضات على مشروع القانون المذكور:ـ

وحسب مذكرة هيئة مكافحة الفساد، إن إعداد مشروع قانون يعنى باسترداد الأموال، وهو من القوانين المتعلقة بالمنظومة التشريعية لمكافحة الفساد وتقديمه مباشرة لمجلس الوزراء لإقراره فيه تعد واضح وعلى اختصاص أصيل للهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد.

وهذا التعدٍ يؤكده القانون رقم 39 لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد في المادة (2،3،5،6/أ، 23/أ،42) والتي تخول الهيئة بالتنسيق مع الجهات المختصة دراسة وتقييم واقتراح تطوير التشريعات العقابية المتعلقة بجرائم الفساد من الناحيتين الإجرائية والموضوعية لمواكبة أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد واستكمال إجراءات عرضها على مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها وفقا للإجراءات الدستورية.

ولذلك فإن مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، قد تمحور حول إنشاء لجنة وزارية لاسترداد الأموال المنهوبة اكثر من كونه قانونا ينظم إجراءات استرداد الأموال وهذا يتناقض ويتعارض مع نصوص المواد(3- 5- 6 – 36- 51- 52- 53- 54- 55- 56- 57- 58) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المصادق عليها من قبل بلادنا بالقانون رقم 47 لسنة 2005.

 واتفاقية الأمم المتحدة أوجبت على الدول الأطراف أن تكفل هيئات مستقلة لمكافحة الفساد ومنحها صلاحيات قانونية في مكافحة الفساد ودرء مخاطره واسترداد الأموال العامة المتحصلة من جرائم الفساد في الداخل أو في الخارج بالتنسيق مع الجهات والهيئات النظيرة ومؤسسات إنفاذ القانون.

وبالتالي فإن إصدار مشروع هذا القانون بقصد إنشاء لجنة وزارية غير محايدة ولا مستقلة لاسترداد الأموال تنازع اختصاص الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد مخالف لنصوص اتفاقي الأمم المتحدة المشار إليها.

كما أن مشروع القانون المذكور يتعارض كليا مع القانون رقم 39 لسنة 2006 بشأن مكافحة الفساد في المواد (2- 3- 5- 6/أ- 20/أ- 32/أ- 42 ) والمواد ( 2- 4- 149- 150- 151- 152- 153- 154- 155- 156- 157- 160) بند أولاً فقرة ( 1- 2- 3) وبند ثالثاً فقرة ( 1- 2- 3- 5- 6- 7- 8- 9- 10)، من اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الفساد والتي نصت جميعها على أن الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد هي الجهة الرقابية والضبطية المخولة بمكافحة الفساد ولملاحقة مرتكبيه وتعقب الأموال المتحصلة من جرائم الفساد وحجزها واستردادها للخزينة العامة بالتنسيق والتواصل مع الجهات النظيرة وأجهزة إنفاذ القانون في الخارج بما فيها تعقب مثول الأشخاص للتحقيق أمام الهيئة وإحالتهم إلى القضاء.

ناهيك على أن مشروع القانون تضمن نصوصا تتعارض مع ما أوصى به مؤتمر الحوار الوطني من قرارات وتوصيات في التشديد على تفعيل الهيئة والوطنية العليا لمكافحة الفساد والأجهزة الرقابية الأخرى حسب ما ورد في الموجهات الدستورية ومقررات الحكم الرشيد المادة 13 والموجهات القانونية لفريق الحكم الرشيد.

وأيضا وفق ما جاء في المواد (86- 87- 93- 155) وكذا ما ورد ف بالموجهات القانونية لفريق استقلالية الهيئات في مؤتمر الحوار الوطني صـ 167 من وثيقة الحوار في الفقرات (1-2-7 / 2-2-2 -7 ) ومع برنامج حكومة الوفاق الوطني في تفعيل دور هيئة مكافحة الفساد في مهامها ( ومن تلك المهام استرداد الأموال).

وليس هذا فحسب بل إن مشروع القانون يتعارض مع نصوص القانون رقم (1) لسنة 2010 وتعديلاته بالقانون رقم 17 لسنة 2013م بشأن إحلال لجنة استرداد الأموال محل لجان وكيانات قانونية قائمة وهي لجنة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ووحدة جمع المعلومات المالية بالبنك المركزي المشكلة من عدد من الجهات الرقابية ( في البنك المركزي والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وجهاز الرقابة والمحاسبة وجهاز الأمن القومي وجهاز الأمن السياسي ومصلحة الضرائب ومكتب النائب العام ووزارة العدل).

ويتطور الأمر ليصل حيال مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، إلى بُعد أخطر وهو انتهاك الدستور اليمني، وإلغاءه إذ يعد صدوره مخالفاً للدستور، حيث تقضي المادة (47) من الدستور بعدم إصدار أية قوانين عن جرائم مثل استرداد الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد، وذلك بأثر رجعي.

كما أن مشروع القانون منح صلاحيات مبُالغ فيها للمخولين باسترداد الأموال المنهوبة، حتى وصل الأمر بمنحهم حق التفاوض السري مع الأطراف المتهمة، والأخطر منح هؤلاء المخولين حق التنازل للقائمين بالنهب بجزء من الأموال التي نهبوها، ناهيك عن مخالفات أخرى وتمثل مخرجاً للمتهمين وغير ذلك.

وعلى الطرف الأخر قال تقرير صادر عن منظمة أوتاد لمكافحة الفساد بشأن مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، بأنه يعاني من الاختلال الواضح والقصور ممثلاً بالتالي: القانون- إجمالاً- يمثل مخالفة دستورية للمادة 47 من الدستور والتي تقضي بعدم إصدار أي قوانين عن جرائم بأثر رجعي.

 وهذا يمثل مخالفة دستورية صريحة, كون جريمة نهب المال العام والسعي لاستردادها هي جرائم ذات أثر رجعي، وبالتالي كان يفترض على الحكومة اليمنية والجهات الرقابية العمل أولاً على تعديل النص الدستوري بالرجوع لمخرجات الحوار الوطني والتنسيق مع لجنة إعادة صياغة الدستور، إضافة لذلك فإن العديد من المواد بالمشروع تشكل تناقضاً مع العديد من القوانين النافذة.

وأضاف التقرير بأن المصطلحات الأساسية المستخدمة لا تؤدي الغرض الأساسي كاملاً بالرجوع للمبادئ المهنية والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة والتي كان يفترض أن تستخدم مصطلح " الموجودات المختلسة" كونها أكثر دقة في ترجمتها للعربية.

كما أن تعريف الأموال المنهوبة بالقانون اقتصر على إطار معين مستنسخ ولم يتوسع بما يغطي الواقع اليمني, مهشماً جوانب أخرى أهمها: فوارق بيع الثروات الوطنية بين أسعار البيع و الأسعار السوقية السائدة وخاصة المبيعات وفقاً لاتفاقيات ثبت فيها الغبن الواضح، إضافة لثروت الأفراد والفئات الناتجة عن عدم عدالة توزيع الثروات والممتلكات العامة بما في ذلك التملك وعوائد الانتفاع غير المشروع والعادل للأراضي والعقارات العامة.

ومن جهة أخرى حدد المشروع تشكيل لجنة لاسترداد الأموال المنهوبة برئاسة وزير الشؤون القانونية ( جهة إعداد المشروع) وعضوية 10 أشخاص حددها القانون جميعهم ممثلين لجهات حكومية ، وهنا فإننا ومن خلال دراسة الموضوع من الناحية الشرعية والمهنية نرى أن رئاسة لجنة لهذا الخصوص تكون أولوية رئاستها للنائب العام وليس لوزير الشؤون القانونية من جهة ومن جهة أخرى فإن حصر عضوية اللجنة بدرجة وكيل وزارة يتنافى مع مقتضيات المعايير الرقابية كون الأعضاء كافة وفقاً لما ورد بالمشروع يندرجون ضن الفئات المستهدفة من القانون بحكم صفاتهم الوظيفية، مما يعيب على مبدأ الاستقلالية كمتطلب رئيسي مهنياً أقره المشروع نفسه من جهة أخرى، ومن جانب ثالث فقد همش المشروع منظمات المجتمع المدني نهائياً من التمثيل باللجنة وهو ما يخالف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتزامات الحكومة اليمنية تجاه المجتمع الدولي في تعزيز الشراكة البناءة بين الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني.

وليس هذا فحسب بل منح المشروع للجنة المذكورة صلاحيات مبالغ فيها وصل الأمر لدرجة إجراء مفاوضات سرية مع المتهمين وتمنح اللجنة الحق في التنازل عن جزء من الأموال المختلسة المطلوب استردادها بل وصل الأمر بنص عقوبات مشددة ضد كل من يسرب معلومات عن تلك المفاوضات. إن مثل هذه البنود الواردة بالمشروع شكلت صدمة لنا بأن تطرح في مشروع قانون كونها تمثل في حد ذاتها جريمة يعاقب عليها شرعاً وقانوناً وتتنافى مع مبدأ الشفافية والمساءلة العادلة، والأهم منه أن المشروع بهذه النصوص منح اللجنة صلاحية التنازل عن أموال عامة مستحقة للشعب كافة دون أن يكون لدى تلك اللجنة أي تفويض مطلق من الشعب بتحديد مصير جزء من أمواله وممتلكاته ومن خلال التبرير الذي ساقته الوزارة لهذه الصلاحيات بأنها مأخوذة من تجربة شبيه بالقانون المصري, فإن المتطلع للأحداث يعلم يقيناً فشلها في مصر, بل أن ذلك النص كان دافعاً رئيسياً لقوى باتجاه إيصال الأوضاع إلى ما آلت إليه.

وحسب منظمة أوتاد في الجانب القانوني لاسترداد الموجودات المختلسة فإن الأمر يتطلب الربط مع قوانين أخرى لها ارتباط مباشر وفعال بالموضوع أهمها: قانون الذمة المالية وقانون مكافحة غسيل الأموال وفي اتجاه آخر بالاتفاقيات الدولية والمصادق عليها وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي ألزمت الدول الأعضاء فيها بالعديد من الإجراءات والتعهدات للتعاون فيما بينها البين كان يجب على المشروع اليمني سنّ مواد قانونية من خلال تلك التعهدات تسهم في ملاحقة واسترداد الموجودات المختلسة والمهربة خارج البلاد وبما لا يتعارض مع المادة الرابعة من الاتفاقية المتعلقة بصون السيادة ونهب الثروات والأموال العامة في مصر وتونس اختلفت كلياً عن مثيلاتها باليمن في نفس الأحداث مما يعطي دلالة واضحة بعدم فاعلية استنساخ الآليات المستخدمة في مصر لاستخدمها باليمن في ذات الشأن.

ووفق أوتاد ومن خلال اطلاع المنظمة وتحليها لوجهة نظر الجهات ذات العلاقة حول مشروع القانون؛ فإننا بمنظمة أوتاد لمكافحة الفساد وإذ نعيب على الأجهزة الرقابية والقضائية ذات الاختصاص تقصيرهم الكبير في قضية الموجودات والأصول المختلسة منذ إنشائها وحتى الآن سواء من حيث إعادة النظر في البنية التشريعية أو مهام الرصد والحصر والتتبع والحجز والتجميد وصولاً للمصادرة والاسترداد كونها الجهات المخولة أساساً بموجب قوانينها وبموجب المادة 6 من اتفاقيات الأمم المتحدة.

وأضافت: إلا أننا نؤيد من جهة أخرى الرؤية التي تعتبر مشروع القانون تدخلاً في اختصاصات جهات أخرى وفي مقدمتها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومكتب النائب العام, إضافة لمجلس النواب وكان يفترض تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين الجهات ذات العلاقة لإعداد مشروع يلبي طموحات الشعب اليمني و يتناسب مع خصوصية البلاد، وبما لا يتنافى من الشرعية الإسلامية والمواثيق الدولية والمعايير والمبادئ المهنية وفي اتجاه يرسم المهام والاختصاصات بوضوح يزيل أي تعارض أو تداخل في المسئوليات.

إن مشروع القانون بمحتواه الحالي سيؤدي حتمياً لتصادم الصلاحيات وضياع المسئوليات بين الحكومة من جهة والأجهزة الرقابية من جهة والقضاء من جهة أخرى، وهو ما سيؤثر سلباً على أي جهود رسمية رامية لملاحقة واسترداد الموجودات المختلسة ومحاسبة المتورطين.

وأشارت أوتاد إلى أنه وبدراسة استشرافية لتطورات الأحداث منذ بداية العام 2013 مع إعلان الحكومة توقيف تعاملاتها مع هيئة مكافحة الفساد مروراً بالجدال داخل مجلس الشورى بالقضاء اليمني؛ فإننا بمنظمة أوتاد نستشف من تلك الأحداث واستقرائنا لمشروع القانون المذكور وردة فعل الهيئة عليه، بوجود ترابط فيما بينها ينذر بتجبير قضايا حقوق عامة للشعب اليمني إلى ساحات للمقايضة والتنافس الموجه لحساب قوى بعينها، مما يقضي كلياً على استقلالية ونزاهة العمل الرقابي الرسمي، وجهود مكافحة الفساد باليمن ويتجه بها صوب هاوية دوائر الصراعات الداخلية في مسلك اليمن في غنى عنه في الوقت الراهن، وعليه فإننا بمنظمة أوتاد لمكافحة الفساد ندعو إلى الآتي:

تشكيل مجموعة عمل مشترك من الحكومة اليمنية والأجهزة الرقابية والقضاء ولجنة إعادة صياغة الدستور والبرلمان لإعداد مشروع بنية تحتية متكاملة بشان استرداد الموجودات المختلسة خاصة والعمل الرقابي عامة مع مراعاة عدم تأسيس أجهزة مزدوجة الصلاحيات.

وإعادة النظر كلياً في مشروع القانون الحالي وإيقاف كافة الإجراءات القادمة عليها الحكومة نحو إقراره وإحالة الموضوع كامل لمجموعة العمل المشتركة المذكورة سابقاً.

والأخذ بالاعتبار أهمية إصدار دليل لاسترداد الموجودات المختلسة، ومن الممكن الاستكفاء بإصدار الدليل في حالة استكمال البنية التشريعية اللازمة لاسترداد الموجودات المختلسة في إطار تعديلات القوانين النافذة ومشروع الدستور.

لكن لا ندري ما الذي جعل بادويلان تناقض نفسها في اليوم العالمي لمكافحة الفساد.

 

أخبار اليوم الاقتصادي

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص