يصلحان للتّذكر 
أو للنّسيان,
يجمعان الحطب
ويأكلان الحشرات,
ويقع أحدهما في غرام الآخر
دون أن يعرفا ماهو الحبّ.
 

حسناً..
كل شيء بدأ هكذا..
رجلٌ وامرأة ..
وحيدان في غابة 
أحدهما يختار أسماء للأشجار
والآخر يقطعها
وينحت منها شيئاً 
يسمّيه رمحاً,
 

كلّ شيء بدأ هكذا
ما لا يملك اسماً 
لا يمكن قتله
وما يملك اسماً 
يمكنه أن يَقتُل في أوّل فرصة,
إذن.. كلّ شيء بدأ هكذا..
 

رجلٌ وامرأة وغابة!
غابة ورجلٌ وامرأة!
امرأة ورجلٌ وغابة!
رجلٌ وغابة وامرأة!
امرأة وغابةٌ ورجلٌ!
غابةٌ وامرأةٌ ورجلٌ!
الرّجل دخل إلى الغابة
المرأة خرجت من الغابة,
المرأة دخلت إلى الغابة
الرجل خرج من الغابة,
الغابة دخلت إلى الرّجل
والمرأة بقيت وحيدة
 

تبكي وتنجب من دموعها الأشياء,
الغابة خرجت فوجدت كلّ شيء معداً
اللّيل 
والجداول,
الورد
وأسماك الزّينة,
قمصان النّوم
والحيوانات المفترسة أيضاَ,
المرأة دخلت في الرّجل
والرّجل ذهب خلف الغابة.
 

كلّ شيء بدأ هكذا..
امرأة في رجل 
وغابة,
رجلٌ في امرأة 
وغابة,
غابةٌ في امرأة
ورجل,
غابة في رجل 
وامرأة,
امرأة في غابة 
ورجل,
رجلٌ في غابة 
وامرأة,
 

الرّجل يقول كلاماً جميلاً للمرأة
وفي قلبه الغابة,
المرأة تحبّ الرّجل 
وتخاف أن تدخل الغابة,
الغابة تكره الاثنين
وتريد أن تنزف عشبها بعيداً,
الرجل صنع بحيلته الجبل,
المرأة اخترعت بحزنها البحر,
 

كلّ شيء بدأ هكذا..
رجلٌ وحيدٌ على جبل 
يصرخ
ويربّي الصّدى,
وامرأة وحيدة في جزيرة
تصطاد الملح
وترسم على سقف الليل نجوماً,
الرّجل قرّر أن يستريح
فتعلّم كيف ينام
ونسي أن يتعلّم كيف يستيقظ,
المرأة فكّرت بالرّجل
 

فتعلّمت كيف تشتاق
وكيف تقبّل غيرها
كما لو كان شيئاً يخصّها
أو أحد أعضائها,
وكيف تزمّ شفتيها من الوجع,
الرجل ظلّ نائماً...
 

لكنّه كان يحلم بالمرأة
دون أن يدري
ودون أن يخبره أحدٌ بذلك,
المرأة عبرت البحر 
وتسلّقت الجبل,
أيقظت الرّجل 
وقبّلته,
 

الرّجل اختلط عليه الحلم 
بالحقيقة,
المرأة 
بالغابة,
الحزن
بشيء غريب,
الرّجل بكى لأول مرة
وقال عن هذا "فرح",
المرأة ضحكت لأول مرة
وأرادت أن تطلق على هذا "سعادة",
 

هكذا بدأ كلّ شيء..
رجلٌ وامرأة..
أحدهما يقول أنّها سعادة
والآخر يصرّ أنّه فرح,
الرّجل أراد المرأة 
لكن المرأة تريد أن تفهم,
المرأة تريد الرّجل 
لكن الرّجل يريد أن يفهم,
الرّجل رجع إلى الغابة
المرأة رجعت إلى الغابة,
رجل وحيد وغابة.. وامرأة وحيدة وغابة
غابة ورجل وحيد.. وغابة وامرأة وحيدة
رجلٌ وحيدٌ وامرأة وحيدةٌ
تفصل بينهما غابة,
 

هكذا بدأ كلّ شيء..
رجلٌ وحيدٌ في غابة
يحاول أن يتذكّر اسمه,
وامرأة وحيدة في غابة
تحاول نسيان اسم رجلٍ,
الرّجل ينام 
المرأة تستيقظ,
المرأة تنام
الرّجل يستيقظ,
الرّجل أدرك أخيراً 
كيف يقول "نعم",
المرأة كانت قد عرفت 
كيف تقول "لا",
الغابة تحترق
ولا أحد يهتم,
 

هكذا بدأ كلّ شيء..
رجلٌ ينقذ امرأة من حريقٍ
المرأة تشكر الرّجل
وتنجب له دزينة من الأولاد,
الأولاد يكبرون
يجمعون الحطب
ويأكلون الحشرات
ويقعون في غرام بعضهم
دون أن يعرفوا ماهو الحبّ...